آراؤهم

لا تصارع الظل

 

 

ماذا سأعمل بعد عشر سنوات ؟

أجمع الكثير من الأموال للتقاعد ، بعد التقدم بالعمر سأسافر حول العالم ، وغيرها العديد من الأفكار و الأعمال المستقبلية ، الكثير من الناس لا يستمتع بحاضره يفكر بالمفقود وينسى الموجود ، يفكر بالماضي وينسى الحاضر ، يقلق على المستقبل ولم يستمتع بحاضره ، نسبق الأحداث فنريد قطع الثمر قبل النضج ، وغدا لا حقيقة له وليس له وجود ، نتوجس من مصائبه ، ونتخوف من الكوارث ، ونهتم لحوادثه ، ولا نعلم قد نصله أو لا نصله ، وهو في علم الغيب ، ولم ينزل على الأرض ، وإعطاء الذهن المساحة الكبيرة الواسعة الشاسعة من التفكير بالمستقبل ونصارع أحداث لم نعشها بعد ، والكثير ينظر إلى المستقبل بأنه سيكون فقر و جوع و مرض ومصائب و سواد ، وينظرون بأن غدا سوف يمرضون ، وبعد سنة سيجوعون ، اترك المستقبل وانشغل باليوم والحاضر ، ولا تنتظر أشعة الشمس لليوم التالي .

الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله – وهو يصف معركته في التفكير بالمستقبل : درست الابتدائي لأجل المستقبل ، ثم قالوا لي : ادرس المتوسط لأجل المستقبل ، ثم قالوا : ادرس الثانوي لأجل المستقبل ، ثم قالوا : ادرس الليسانس ” البكالوريوس ” لأجل المستقبل ، ثم قالوا : توظف لأجل المستقبل ، ثم قالوا : تزوج لأجل المستقبل ، ثم قالوا : انجب ذرية لأجل المستقبل ، وها أنا اليوم اكتب هذا المقال وعمري 77 عاماً ولازلت انتظر هذا المستقبل !!

المستقبل ما هو إلا خرقةٌ حمراء ، وضعت على رأس ثور ، يلحق بها ولن يصلها ؛ لأن المستقبل إذا وصلت إليه أصبح حاضراً ، والحاضر يصبح ماضياً، ثم تستقبل مستقبلاً جديداً ، إن المستقبل الحقيقي هو  أن تُرضي الله ، وإن تنجوا من ناره ، وتدخُل جنته .

يا سادة يا كرام … نفكر بالمستقبل بقلق ، ونسينا الحاضر ، فلا عشنا الحاضر ولا المستقبل .