كتاب سبر

ثوب “بوجابر” رقعته ليست منّه وفيه!

“حلاة الثوب رقعته منّه وفيه”.. من الأمثال الكويتية القديمة التي مازالت رائجة، خاصةً في مواسم الزواج. حيث يُستخدم لحث الشاب الكويتي على الزواج من بنات أقاربه، أو لإقناعه بتجنّب الزواج من خارج قبيلته أو طائفته أو فئته الاجتماعية. ويستخدم، غالبا، للاعتراض على زواج الكويتي من فتاة تنتمي لجنسية أخرى.

وزارة العدل الكويتية تنفي أن ” حلاة الثوب رقعته منّه وفيه”، فإحصائياتها لعام 2016 تشير إلى وقوع 5 حالات طلاق مقابل كل 10 حالات زواج لكويتيين!
وبعيدا عن الاحصائيات..ينظر المجتمع الكويتي للشاب الذي يتزوج من غير جنسيته بعين الشفقة، لأنه يراه مخدوعا أو ضحيةً لطمع الزوجة وأهلها، ولا يهم إن كان الزوج يسكن مع أمه وأبيه وإخوته في بيت صغير، ويعمل بوظيفة عادية لا يكفيه راتبها حتى نهاية الشهر. سيقال: ” هي طامعة باكتساب الجنسية الكويتية، وأول ما تصير كويتية بتقلب عليه.
مقيولة: حلاة الثوب رقعته منّه وفيه”.

“بوجابر” رجل كويتي تجاوز، الان، الـ 70 من عمره. التقيته في إحدى ديوانيات المنطقة العاشرة. واستمعت له وهو يتحدث بحماس عن فضل الزواج بالأجنبيات. كان رأيه يلقى معارضة من معظم روّاد الديوانية، لكن الجميع يعلم أنه يتحدث بناءً على خبرة عريضة نادرة ليس متاحا الحصول عليها لأي رجل.
كان ” بوجابر” ومازال مزواجا، فقد تزوج هندية ومغربية وفلبينية ومصرية وجمع بينهن في وقت واحد. وللأمانة فقد عدل بينهن في السكن وفي قانون وزارة الداخلية مادة 20 أو كما يُعرف في الكويت بقانون الخدم!
“بوجابر” يتزوج خارج الكويت ثم يجلب زوجته بـ” فيزا” عاملة منزلية ويمنحها إقامة على كفالته لمدة سنتين. وعند نهاية الإقامة يقرر ما إذا كان سيمددها أو سيلغيها لسوء أداء الزوجة أو لكثرة طلباتها أو لمرضها، ليجلب خادمة/زوجة جديدة بدلا منها.
بعض زوجاته صبرنَ حتى بلغ أولادهنّ مبلغ الرجال، فانتقلت إقامتهن من ملف “بوجابر” المتخم بالزوجات إلى ملف أبنائهن، وبقين كذلك حتى اليوم.
لم يكتف” بوجابر” بهذه الزيجات. فقد كان كثير السفر بغرض الزواج. يتزوج ثم يطلّق، ليتزوج مرة أخرى وهكذا دواليك.
تزوج قبل عدة سنوات من فتاة أوكرانية وقرر أن يأتي بها للكويت ولكنه لم يستطع لأن الجنسية الأوكرانية ليست مشمولة، بعد، في قانون الخدم!
قبل عدة سنوات؛ تفاجأ أبناؤه باتصال من خادمة هندية تخبرهم: بأنها أخت لهم، وتعمل كخادمة في أحد بيوت المنطقة الرابعة.
للزمن مفارقاته ودوراته.. فما فعله الأب ببنات الناس طوال عشرات السنين؛ فُعل بإبنته أخيرا!
اضطر أبناء ” بوجابر” للتحرك بعد أن لاحظوا تقاعس أبيهم تجاه أختهم. فقاموا بالتفاوض مع كفيلها، على الطريقة الكويتية، فنجحوا في ” إرضاء الكفيل ماديا” كي يوافق على تحويل إقامتها إلى كفالة أحد إخوتها!

في الإسبوع الماضي..تناقلت الحسابات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، في الكويت، خبر زواج شاب كويتي بفتاة هندية. وكان مهرها 100 دينار.
ما أن انتشر الخبر، الذي يُفترض أن يكون سعيدا، حتى توالت التعليقات العنصرية من الكويتيين والكويتيات:
الظاهر كانت خدّامة عندهم.
أكيد ساحرته.
طمعانة بفلوسه.
مالقى إلّا هندية عاد!
وحتى عندما تبيّن انها شابة جميلة جدا وإبنة عائلة غنية تسكن في ضاحية كويتية راقية تفوق أسعار بيوتها وإيجاراتها قدرة معظم الكويتيين على السكن بها، عاد الكويتيون ليرددوا:
أكيد طمعانة بالجنسية!
تجاهل المجتمع المتديّن وصايا الدين الإسلامي الذي يحث على تقليل المهر. وأقحم العنصريون أنوفهم في الزواج رغم رضا عائلتي الشاب والفتاة( والد الزوج هو أحد شهود الزواج. وعائلة الزوجة استقبلتها وزوجها في بيتها وباركت زواجهما على الطريقة الهندية).

مازالت إحصائيات وزارة العدل تؤكد أن معدلات الطلاق مستمرة في الارتفاع.
وقبل 3 أيام فقط.. سافر ” بوجابر” إلى” مانيلا” للمرة الـ 30 ربما.
وما زال هناك من يردد ببلاهة:
حلاة الثوب رقعته منه وفيه.

@AbdulHadiAlgmil