كتاب سبر

أم مقابلات محمد بن سلمان.. ليلة كئيبة في طهران

كانت مقابلة تاريخية من النوع الذي سيتردد حوله النقاش والتحليل لوقت طويل، والأمير السعودي ولي ولي العهد محمد بن سلمان أطلق ردا حاسما على العنجهية الإيرانية عندما جزم بأنهم هدفهم السعودية وأن السعودية هنا لن تنتظرهم “بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية”.
‏وهكذا مثل حديث الأمير محمد لحظة تاريخية فاصلة بكل ما تمثله الكلمة من معنى، فالإشارة القوية ناحية إيران تعني انعدام أي فرصة للحوار أو التفاهم ما يثبت حقيقة أن ما يجري هو نفس الدورة التاريخية المتكررة لهذا التغول المجوسي حتى تقع النتيجة الطبيعية التي تتم أيضا كل مرة بزوال هؤلاء وانقراض مشروعهم ذاتيا وموضوعيا لانعدام الأهلية ولنشوء العوامل المناسبة التي تعيد هؤلاء إلى جحورهم.
‏على أن أهم ما في الأمر هو أن الأمير محمد بن سلمان لم يكن يعرب عن رأي وإنما يتحدث مستندا إلى معطيات دولية مفادها أن المشروع الإيراني على وشك الانهيار ومن الداخل.
‏في تزامن ربما غير مقصود رأينا تحولا جذريا في الإعلام السعودية لجهة تبني بيانات ومواقف المعارضة الإيرانية وصدرت في ذات الوقت تصريحات قوية عم مستشار الرئيس دونالد ترامب لشؤون الأمن القومي الجنرال ماكماستر قال فيها “إن تجاهل النظام الإيراني طوال 8 أعوام في فترة أوباما الرئاسية، أدخل منطقة الشرق الأوسط في أزمات إنسانية مهولة” مؤكدا أن “الرئيس ترامب سيواجه بقوة زعزعة النظام الإيراني للمنطقة”.
‏ وأضاف ماكماستر في حديث غاضب “ما نشاهده هو بأن النظام الإيراني الإرهابي يقوم بدعم النظام السوري القاتل والذي تسبب بمجازر في سورية كما يقوم بإرسال الأسلحة والصواريخ والمعدات إلى حزب الله ويعمل على إنشاء ميلشيات وتسليحها في كل أرجاء المنطقة”.
‏وشدد الجنرال الأميركي على أن حلفاء أميركا يؤيدونها قطعا في موقفها هذا “حيث لدينا فرصة كبيرة لتدمير السلوك الإيراني المخرب في المنطقة وخارج المنطقة مؤكدا بان الغرب بالفعل مهتمين بمعاقية هذا النظام”
‏في مقابلته التي كانت أساسا للشأن الاقتصادي أطلق الأمير محمد جوابا صاعقا شديد الصراحة، وجاء ردا على السؤال: هل من الممكن أن نرى في المستقبل حواراً مباشراً مع إيران رغم ما تقوم فيه بالمنطقة؟.. فقال الأمير في ليلة شديدة الكآبة على الإيرانيين وبهايمهم “كيف تتفاهم مع واحد أو نظام لديه قناعة راسخة بأن نظامه قائم على إيدلوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره ومنصوص عليها في وصية الخميني بأنه يجب أن يسيطر على مسلمي العالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري الإثني عشري الخاص بهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي المنتظر.. هذا كيف أقنعه؟ وما المصالح التي بيني وبينه؟!

وكيف أتفاهم معه؟! عندما يكون بيني وبين دولة أخرى إشكالية نبدأ بحلها، فمثلاً إذا كان فيه مشكلة اقتصادية يكون هناك تواصل ما الذي تريده أنت وما الذي نريده نحن وكيف نتفاهم عليه، أو مشكلة سياسية مثلاً مع روسيا كيف نتفاهم في سورية وما مصالحك وما هي مصالحي.. كيف نتفاهم في اليمن وما هي مصالحكم.. هذا كيف نتفاهم معه؟! هذا منطقه أن المهدي المنتظر سيأتي ويجب أن يحضّر البيئة الخصبة لوصول المهدي المنتظر ويجب أن يسيطروا على العالم الإسلامي وحرموا شعبهم لأكثر من ثلاثين سنة من التنمية وأدخلوه في مرحلة الجوع والبنية التحتية السيئة لتحقيق هذا الهدف.. لن يغير رأيه في يوم وليلة وإلا انتهت شرعيته داخل إيران فما نقاط الالتقاء التي يمكن التفاهم فيها مع هذا النظام!؟.. تكاد تكون ليست موجودة حيث تمت تجربة هذا النظام في أكثر من مرحلة في وقت رفسنجاني واتضح أنها تمثيليات.. بعد ثورة الخميني تأتي إستراتيجية التوسع حتى يغضب العالم ومن ثم يخرجوا قائد السلم الذي وقتها كان رافسنجاني حتى يكسب ثقة العالم ومن ضمنهم نحن.. كسب ثقتنا، وبعد الوصول إلى مرحلة أخرى وبيئة جيدة يتم إيصال قائد متطرف لكي يستمر في عملية التوسع مثلما شاهدنا مع (أحمدي) نجاد في العراق وسورية وغيرها من المواقع، ثم يأتي قائد آخر لكي يحافظ على المكتسبات حتى يرضى العالم، ومن ثم يأتي قائد متطرف لكي يستمر في نشر التوسع، هذا لن يحدث، هذا انتهى المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، لُدغنا مرة، ومرة ثانية لن نلدغ، ونعرف أننا هدف رئيسي للنظام الإيراني، الوصول لقبلة المسلمين هدف رئيس للنظام الإيراني.. لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية”.

‏في شأن اليمن قال: “لا أحد يريد أن تستمر الحرب” لكنه أرسل إشارة مهمة في شأن علي عبدالله صالح عندما اعتبره محاصرا وأنه لو ملك أمره لكان له رأي آخر.
‏قال الأمير “علي عبدالله صالح لديه خلاف كبير جداً مع الحوثي ونعرف أنه اليوم تحت سيطرة وحراسة الحوثي ولو لم يكن فسيكون موقفه مختلفا تماماً عن موقفه اليوم بلا شك.. علي عبدالله صالح لو خرج من صنعاء إلى منطقة أخرى سيكون موقفه مختلفا تماما.. اليوم قد يكون مجبرا على الكثير من المواقف التي ذكرها”.
‏وشدد على أن الحرب قامت لأنه لم يكن هناك خيار آخر للسعودية لأن “السيناريو الآخر أسوأ بكثير” وكان لافتا قوله “ولو انتظرنا قليلا لأصبح الخطر داخل الأراضي السعودية”.

‏لكن المهم هو أن الأمير محمد بين رفض السعودية لمبدأ التسرع في الحرب وأن عامل الزمن لصالح التحالف “الوقت من صالحنا، فالنفس الطويل من صالحنا نحن لدينا الإمداد ولدينا كل الإمدادت اللوجستية ولدينا المعنوية العالية والعدو ليس لديهم الإمداد وليس لديه الأموال وليس لديهم النفس الطويل”.
‏الأمير نفى وجود خلاف مع الإمارات حول اليمن وقال بأن هذه “إشاعات يطلقها الأعداء”.
‏الأمير محمد أيضا أكد قوة العلاقة مع مصر واتهم الإعلام (الإخونجي)
‏والإعلام “الذي ينتقد السعودية أو العلاقة السعودية المصرية” وقال إنه نفسه الإعلام “الذي ينتقد فخامة الرئيس السيسي” مشددا على أن “العلاقة السعودية المصرية صلبة قوية في أعمق جذور العلاقات بين الدول”
‏نافيا وجود مشكلة حول الجزر (صنافير وتيران) وأن حجر أساس الجسر سيتم في وقته وأن ما جرى هو “فقط ترسيم للحدود البحرية.. أما الجزر فمسجلة لدى مصر أنها جزر سعودية ومسجلة في السعودية أنها جزر سعودية ومسجلة أيضا في المراكز الدولية أنها جزر سعودية”.
‏عن وضع سورية كان لافتا وصفه بالمعقد مع الإشارة إلى الفرص التي أضاعها الرئيس السابق باراك أوباما “فسورية أصبحت قضية دولية.. روسيا موجودة هناك دولة عظمى.. دولة كبرى.. الولايات المتحدة الأمريكية موجودة وكل الدول الخمس الكبرى موجودة هناك وأي احتكاك بين هذه الدول الكبرى قد يحدث أزمة أكبر بكثير من أزمة الشرق الأوسط، فالوضع معقد جدا ونحن اليوم نحاول أن نخرج بأكبر قدر من المكاسب لمصالح السعودية ولمصالح الشعب السوري ولدول المنطقة”.
‏إنها بحق أم المقابلات لهذا الأمير الشاب.. الواعد.

2 تعليقات

  • مقال جميل وقراءه موفقه لخطاب الأمير محمد
    بالفعل العنجهيه الايرانيه وصلت للتهديد العلني للسعوديه ومن قبلها البحرين والامارات
    ناهيك انها تعبث بامن الكثير من الدول ..العراق جعلت منه مزبله ..سوريا حولت ثوره وطنيه عفويه لحرب طائفيه
    لبنــان دوله مسخ وأصبحت مجرد حي من احياء طهران

أضغط هنا لإضافة تعليق