كتاب سبر

الخمر وقيادة المرأة للسيارة

ظهر لنا أحد المتشددين المتطرفين والذي لايحمل أي شيء من الفكر الإسلامي المعتدل الوسطي، وجاد علينا بفتوى أو رأي لم يُنزل الله به من سلطان سوى إثارة الشوشرة واللغط والقيل والقال، حول قيادة المرأة السعودية والتي نعتها بالسكرانة والمخمورة إذا قادت السيارة عائدة لمنزلها، ماهذ المنطق الأعوج الأغبر الذي يصدره مثل ذلك الذي يدعي أنه داعية إسلامي؟ ومالفارق بينه وبين الشيخ المصري ميزو المثير للجدل و(الهبل) الذي زعم أنه المهدي المنتظر وأحل الزنا وشرب الخمرة؟ أهذا هو دين محمد عليه الصلاة والسلام الذي انتهج أولاً الدعوة بالمعروف ولين الجانب وحثنا على الوسطية والاعتدال والتسامح ومحبة الآخرين أيًّا كانوا؟!

ثم لمصلحة من كل هذا الهراء الذي يبثه مثل مشايخ تويتر والفضائيات الذين يدعون للصدام والاختلاف والبعد تمامًا عن مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء؟! ألسنا بحاجةٍ في هذا الوقت الذي كثر في مفاصله المتردية والنطيحة أن نعيد حساباتنا ونعود لأصل ديننا الحنيف الذي يعطي المرأة كافة حقوقها وينصفها بشكل يتجاوز الغرب والشرق؟!.. ولكن أن يخرج علينا مثل ذلك المتنطع وينعت المرأة السعودية التي تقود السيارة بأنها في حكم السكرانة وهي عائدة لمنزلها أمر غير مقبول البتة، هناك أخوات وشقيقات لنا يقدن سياراتهن في دول الخليج والعالم العربي محجبات ملتزمات بأخلاق الإسلام وتعاليمه أكثر من ذلك المستشيخ شكلاً ومضمونًا الذي سجل رفضة لقيادة المرأة للسيارة فقط للرفض! ولإثارة البلبلة وإشغال المتلقي بهذا الموضوع (واللت والعجن) لاغير.

يبقى أن أقول أيها السادة، إن الإسلام انتشر في أصقاع العالم بسيرة نبيه وأخلاقه وتعامله مع الجميع مسلمين وغيرهم من أهل الملل والأديان، ولهذا اعتنق من تلك السيرة الطاهرة لنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام العديد من النخب في الغرب والشرق، منهم علماء مفكرين وشعراء وفنانين وأدباء ومثقفين، ولو استمعتْ تلك النخب لمثل ذلك المتنطع المتشدد المهرطق لما اعتنق الاسلامَ أحدٌ منهم؛ بل لدفعوا باتجاه تشويه الإسلام.