محليات

“المنبر الديمقراطي”: الأزمة الخليجية كشفت عن محاولة بعض الحكومات تبني أطراف الصراع في دول عربية وإقليمية

قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي بندر الخيران أن الأزمة الخليجية الراهنة وضعت دول منظومة مجلس التعاون الخليجي أمام تحديات كبيرة، تحديات تهدد مسيرتها المتعثرة أساساً، كما وضعت الكويت أمام تحد أكبر نحو رأب صدع الجدار الخليجي، وإنقاذ وحدة دوله ومنظومته من الانهيار والتفكك، مضيفاً أن المنطقة والجوار الإقليمي تشهدان صراعات كبيرة، تداخلت فيها المصالح وتشابكت إلى مرحلة تصعب فيها الحلول.

وقال في كتيب أصدره المنبر الديمقراطي الكويتي بعنوان «الأزمة الخليجية إلى أين؟» أن المساعي النبيلة والمبادرات والأدوار التي أقدم عليها – ولازال – سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في محاولاته الدؤوبة لاحتوائها منذ بداياتها، تتطلب دعماً محلياً وخليجياً وإقليمياً، بل ودولياً أيضا، وهي محاولات ترمي لتهيئة أجواء التصالح، وتصحيح المسيرة، مشيراً إلى أنه في سبيل إنجاح هذه المبادرات يستلزم الوقوف الجدي على أسباب ومسببات الخلاف، وسبل المعالجة الناجعة بعيداً عن الترضيات، من خلال وضع أسس وضوابط تكفل استمرار واستقرار هذه المنظومة بما يحقق التطلعات التي تنتظرها شعوب المنطقة.

وأوضح الخيران أن الأزمة الخليجية كشفت عن الأدوار المتناقضة التي قامت بها بعض الحكومات في محاولة لبسط نفوذها، وتبني أطراف الصراع في عدد من الدول العربية والإقليمية تحت واجهات مختلفة ومتعددة، محدودة المصالح تحمل تحالفاً ضيقاً وآنياً.

وحدد الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي عدد من التحديات الأساسية التي المفترض أن يتم التعامل معها لتفادي أيد أزمات تواجهها دول الخليج، والتي من أبرزها: تعامل العديد من الحكومات الخليجية مع الأحداث الإقليمية والعالمية من خلال زاويا محددة وضيقة، أفرزت اختلافاً جلياً بين المواقف، كانت لها آثارها المتشعبة، فبدلاً من أن تتوحد الرؤى أصبحنا نعيش في أزمة صراع في الموقف، ولهذا فإن على الحكومات أن تمارس أدوارها بصورة إيجابية أكبر ضمن تنسيق مشترك بما يعزز الموقف الخليجي الخاص، واستقرار وأمن منطقة الشرق الوسط العام.

ومن التحديات الأخرى غياب المشاركة الشعبية في الإدارة العامة، وغياب الفكر التنموي، يضاف إليهما غياب التكامل الاقتصادي، ما يعني أن هناك اختلالاً يعيق إنجاز أي مشروع بأطره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، المشتركة والشاملة، وهذا يتطلب فتح آفاق واسعة لإعطاء الشعوب دوراً محورياً بإدارة أوطانها بما يخدم تطورها واستقرارها لمستقبلها وحاضرها المشترك.

وقال «لم تستطع منظومة مجلس التعاون الخليجي تأمين وتوفير رؤية استراتيجية عامة تجمع عليها دوله بما يتيح ويسمح لاستقرار المنطقة في ظل التطورات الحاصلة في العالم، حيث فشلت في خلق أرضية مناسبة متوافق عليها وبيئة حاضنة لتحقيق مثلث الاستقرار والأمن والتطور»، منوها في الوقت ذاته على ضرورة العمل على وقف الصراعات المذهبية والطائفية، وعدم السماح للقوى الطائفية بتوتير العلاقات المشتركة بين الشعوب، وعدم استخدام الشحن الطائفي والعرقي لتجييش التأييد للمشاريع الصدامية، وضرورة تبني ودعم كافة برامج الإصلاح الوطني التي طالبت بها الشعوب دون تشويه وتزييف مقاصده الوطنية.

وأكد الخيران على أهمية التزامنا نحن في الكويت والوقوف مع المشروع التصالحي الذي يحمله سمو أمير البلاد، ودعمه آملاً أن يكون طوق النجاة من هذه الأزمة بما يحافظ على منظومة مجلس التعاون الخليجي ومتمنياً أن تكون روح المسؤولية بين كافة الأطراف مرتفعة لتفكيك حالة التأزم والمقاطعة.

وتطرق إلى أن غياب المبادئ العامة والضوابط الملزمة لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وغياب الإدارة الجادة في بناء منظومة خليجية قوية ومنضبطة لتمارس دورها في حماية التنمية وتطورها أدى لمثل هذا الأمر الذي نعيشه اليوم، كما أن الاهتمام بالجانب والشأن الأمني العام، وهو بلا شك مهم، لكنه يجب أن يكون موجها لبناء هذه المنظومة لا بعثرتها أو استخدامها في الحد وتقليص الحريات العامة التي تنشدها وتبحث عنها شعوبنا.

وعدد الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي مجموعة من العوامل والمواقف المطلوبة للخروج من الأزمة الراهنة من بينها: إدراك أن سياسة عدم احترام سيادة الدول الأخرى، والتدخل في شؤونها الداخلية، أمر يجب تجنبه والابتعاد عنه، وأن تلغى مثل هذه السلوكيات من نهج بعض الحكومات وفكرها، من خلال احترام قوانين وأعراف دول المنظومة، يُضاف إلى ذلك أهمية وضع ضوابط لمنظومة مجلس التعاون الخليجي تكفل وتمنع أية ممارسات خاطئة من قبل أعضائها، وأن على دول مجلس التعاون الخليجي أن تدرك أن قوتها يكمن في وحدتها، وتنامي تعاونها، وتطور مواردها وتنوعه المتسق مع بعضها البعض وعلى كافة الأصعدة والمستويات الداخلية والخارجية، وكذلك الوعي بأن تطور الشعوب أمر حتمي وقادم ينبغي التعامل معه بروح إيجابية لا سلبية، والسماح للشعوب قاطبة بالمشاركة الفاعلة في الإدارة نحو أداء أدوارها المناطة بها، بما يكفل استقرار الدول وتقدمها.

وقال إن تجارب وتطور دول العالم وشعوبها يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وعلى الحكومات الخليجية أن تعي أن بقائها وديمومة الأوطان ورفاهية الشعوب سيكون قائما على «الوحدة»، والاستفادة ما أمكن من الملاءة المالية المتوافرة حالياً، من خلال نمط يضمن الاستدامة والتقدم في ظل أجواء الاحتدام والتأزم الإقليمي والعالمي، ما يتطلب خلق أرضية وبيئة لتهدئة آمنة تكون محصلتها النهائية مصالحة جدية وتعاون اقتصادي مثمر تشترك به دول المنظومة الخليجية دون تجاهل لدول الجوار الإقليمي ليكون مانعا لقوى الشر والتطرف والإرهاب التي تتكسب من وراء إثارة الفتن والصراعات الطائفية والمذهبية والقومية الساذجة، والتي لن تعود – بأي حال من الأحوال – بالمكاسب والأمن على دول الخليج وشعبه الواحد.