آراؤهم

الثوابت أهم من الانتصار المؤقت.. قناة الكوت

البعض يرى في غلق وزارة الإعلام الكويتية لقناة الكوت، التي يعتقد بتبعيتها لتيار حزب الله في الكويت، انتصاراً له على النفوذ الإيراني في البلاد، أو على الأقل خطوة مستحقة على خلفية أحداث خلية العبدلي وما نتج عنها من أحكام قضائية بالسجن. بل يذهب “بعض هذا البعض” إلى ما هو أبعد من ذلك ويطالب بسحب جناسي المدانين وعوائلهم في خطوة تعتبر مستغربة ممن كانوا قبل أشهر قليلة يقودون الحملات الشعبية والبرلمانية ضد تفرد السلطة في موضوع سحب الجناسي واسقاطها!

يقول ماركس أن التاريخ يعيد نفسه مرتين، الأولى كمأساة، والثانية كمهزلة، ونحن في تعاملنا مع تصرفات السلطة تجاه مكونات الشعب “تمهزلنا” كثيراً كما يبدو! بالأمس اغلقت قناة اليوم المحسوبة على تيار المعارضة والمقاطعة السابق، فصفق لها الطرف الآخر، واليوم تغلق السلطة قناة الكوت فيصفق لها التيار المقابل، وبينهما أُغلقت قناة الوطن، وصفق للسلطة كلا الطرفين المتضادين! والأمر كذلك في قضية سحب الجناسي، وهكذا تحرك السلطة فوهة المدفعية لتقصف باجراءاتها طرف وتنال تصفيق وتشجيع ودعم ومؤازرة الاطراف الأخرى، لتعود بعد فترة لتقصف طرفاً آخراً ويستمر التشجبع من المقصوفين سابقاً!

هل ما حدث في قضية خلية حزب الله في للعبدلي جريمة؟ نعم. هل تستحق العقاب؟ نعم. هل هي ضد الوطن ومصلحته؟ نعم. لكن هنالك جرائم ارتكبت في حق قنوات إعلامية مرخصة تحت ذريعة الإنتقام وبعيداً عن سلطة القانون وإن تذرعت السلطة بأنها تطبق القانون في ذلك، مثلما تذرعت بتطبيق القانون في قضية سحب الجناسي لعوائل كويتية لتعود بعد سنوات من الألم والظلم والعذاب لتحاول تصحيح خطأها!

القنوات الإعلامية المرخصة في الكويت، هي شركات ينظم عملها قانون المرئي والمسموع (بالإضافة) إلى القوانين المنظمة للشركات في وزارة التجارة، وتعذر الحكومة بأن هذه القناة قد فقدت أحد شروط ترخيصها بفقدان أحد الشركاء لشرط من شروط الترخيص سواء فقده الجنسية الكويتية، كما حدث في قناة اليوم، أو بارتكاب احد الشركاء لجريمة جناية، كما حدث في قناة الكوت، لا يمكن أن يكون عذراً مقبولاً. والأصح هو التعامل معها كما تتعامل الحكومة ذاتها مع الشركات التجارية واوضاعها عندما تفقد احد شروط الترخيص، بأن تمنح الشركة فترة محددة لتعديل وضعها القانوني قبل إتخاذ أي إجراء ضدها، خصوصاً وأن هنالك مصالح مرتبطة للشركاء الآخرين تتضرر بهذا الإجراء الذي يخالف مبادئ دستورية عديدة اهمها أن “العقوبة شخصية”!

هذا الانسياق المستنكر خلف “تنمر” السلطة وتجبرها على المؤسسات الإعلامية سيدفع ثمنه الجميع وعلى رأسهم حرية التعبير وحرية الإعلام والعمل الصحفي في الكويت، ولا يجب أن تعمي تطورات الأوضاع الاقليمية أو الصراعات السياسية الإنتخابية الداخلية، أعين الساسة ودعاة حقوق الإنسان، لأن من تقصفه السلطة اليوم، وتصفق له، سيصفق لها غداً وهي تدك حريتك ومصالحك مثلما صفقت لها!  الثبات على المبدأ مكلف وقتياً، لكنه مثمر على المدى البعيد، ومن دون شك، أفضل من الإنتصارات الوقتية والوهمية!

ابوطلال