آراؤهم

هل تحذو عيادة المسنين في الكويت حذو من نجحوا قبلنا عربيا وخليجيا؟

تقوم عيادة المسنين بصورة رئيسية على وجود طبيب متخصص في طب المسنين ويفضل وجود فريق متكامل من ممرضة متخصصة وإخصائي نفسي واجتماعي ومعالج طبيعي وغيره.
وبما أن طبيب المسنين هو حجر الزاوية، فيجب أن تكون لديه الخبرة الكافية والمتكاملة للتعامل مع شتى أعطاب أجهزة الجسم، وبلا استثناء. وتشمل هذه الأعطاب أيضا الأمراض النفسية والعصبية، ويهتم طب المسنين أيضا بالاعتبارات الاجتماعية والبيئية التي تؤثر على المسن، وذلك لأن دور طبيب المسنين الأساسي يكفي المريض عناء استشارة أطباء متخصصين في أمراض متعددة تستهلك الوقت، والوصفات الطبية من أطباء مختلفين تؤدي إلى تضارب في الأدوية، ولن ينتج عن هذه الاستشارات النظرة الشمولية التي تضمن نوعية حياة مثالية للمسن.
يهدف طبيب المسنين بصورة رئيسية إلى الوصول بالمسن إلى أعلى حالة وظيفية ممكنة ليعيش نوعية حياة مثلى، لذا على طبيب المسنين أن يمسك بخيوط كل الأمراض ليتمكن من رسم الخطة المتكاملة لتحديد أولويات العلاج، من دون تضارب بين الأدوية الموصوفة، لتحقيق الهدف. ولن يكون دور طبيب المسنين هو تحويل المريض إلى تخصصات أخرى إلا في الحالات التي تستدعي التحويل.
فهل يوجد في الكويت أطباء متخصصون في طب المسنين بهذا المستوى؟
من الحكمة توفير كوادر متخصصة في هذا التخصص من جنسيات عربية أخرى، ويوازي ذلك عمل خطة تدريبية محكمة ومكثفة للأطباء الكويتيين الراغبين في هذا التخصص أو مَنْ هم في بداية حياتهم العملية إلى أن يأتي اليوم الذي يحمل فيه الأطباء الكويتيون راية هذا التخصص بالكامل وبأعلى مستويات الأداء التي يتطلع إليها المواطن الكويتي.
إن تخصص طب المسنين يحتاج إلى الخبرة والممارسة العملية.. لذلك يجب أن يكون الأطباء العاملون في هذا التخصص تحت سلطة وزارة الصحة التي تتيح المتابعة والتدريب، وليس أي جهة أخرى كوزارة الشؤون، وإلا ستوضع الصلاحيات والخبرات العملية لهؤلاء الأطباء تحت مجهر التشكيك.
إن ولادة عيادة متخصصة في طب المسنين يلزم وجود طبيب متخصص من ذوي الخبرة في طب المسنين، ولا يجب أن نشترط توفير كل أعضاء فريق العيادة من أخصائي نفسي وممرضة متخصصة وأخصائي علاج طبيعي أو أخصائي علاج بالعمل، حتى يبدأ نشاط العيادة، وإلا سيطول الانتظار كثيرا.
علينا أن نحذو حذو الدول الخليجية المجاورة التي سبقتنا في هذا المجال، حيث لم تكن بداية أي منها متكاملة. فإن الطبيب المتخصص وذا الخبرة في تخصص طب المسنين هو النواة الأولى ومحور الارتكاز، والذي يستطيع القيام بالمهام التشخيصية الأساسية التي يحتاجها المسن، وذلك حتى تتوفر جميع الخدمات الأخرى المصاحبة تدريجيا.
فمثلا هناك اختبارات دولية مقننة ومعتمدة لقياس الوظائف المعرفية للمخ، وقياس الحالة النفسية لدى المسنين وغيرها.(يمكننا الأخذ بالتجارب العربية والخليجية الناجحة في هذا الشأن).
هذه الاختبارات في بعض الأحيان تحتاج إلى مساعد للطبيب، مثل الممرضة المتخصصة أو اخصائي لتطبيق هذه الاختبارات على المريض. لكن الطبيب ذو الخبرة يستطيع القيام بهذه الاختبارات التي هي جزء من دراسته وخبرته أيضا وبدون مساعدة وبصورة مختصرة وسريعة بحكم خبرته في التشخيص.
في الدول المتقدمة تلجأ عيادات كبار السن إلى مساعد يقوم بإجراء هذه الاختبارات للمريض قبل مقابلة الطبيب. ولا يكون الهدف الأساسي مساعدة الطبيب في التشخيص، بل الحصول على نتائج هذه الاختبارات في صورة أرقام تفيد في عمل الأبحاث العلمية، وكذلك الحصول على إحصائيات تفيد في تحديد معدل حدوث مرض ما وما يترتب على ذلك من وضع خطط لتوفير الخدمات في المستقبل.
لذلك علينا أن نستثمر المعلومات الطبية الأساسية ونطبقها بما يتوافق مع المرحلة التي نحن عليها. فنحن ما زلنا في أول الطريق. ولا يجب أن ننقل خدمات الدول الأجنبية بالحرف لأن بيئتنا ومجتمعنا مختلفان. فإن المهارة إنما تكون في استخدام العلم بما يتوافق مع مجتمعنا مع الأخذ في الاعتبار أننا نبني من الصفر.(كما هو حاصل في التجارب الناجحة في دول عربية وخليجية).
يجب ألا تكون ولادة عيادة جديدة متخصصة في علاج أمراض كبار السن هو الهدف الأكبر بل هي النواة الأولى وأول خطوة على الطريق. ويجب أن تتوافر خدمة عيادة كبار السن إلى المسن في جميع محافظات الكويت وكذلك في مستشفياتنا التي تمتلئ بأعداد المسنين.
ولكي يحدث ذلك لا بد من توفير أطباء اختصاصيين من ذوي الخبرة في التخصص. وإن لم تتوفر كوادر وطنية حتى الآن بالقدر الكافي، فلا بديل عن الاستعانة بكوادر عربية أسوة بدول خليجية مجاورة(مثل:السعودية والامارات)اللتين أرستا دعائم هذا التخصص منذ عدة سنوات بالاستعانة بكوادر من الأطباء المصريين خريجي طب المسنين لا سيما من جامعة عين شمس، وذلك لأن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تدرّس هذا التخصص ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً.(والذي أسسه رائد طب المسنين في الشرق الأوسط المرحوم الأستاذ الدكتور عبدالمنعم عاشور، خريج جامعة برمنجهام عام 1977، عضو وزميل جمعية علماء الشيخوخة في أمريكا، رئيس جمعية ألزهايمر مصر).
وعلى خط مواز يجب تدريب الأطباء الحاليين الراغبين في العمل في هذا التخصص تدريباً متتابعاً ومكثفاً وذلك بالاحتكاك بالأطباء ذوي الخبرة في تخصص طب المسنين في بلاد عربية أخرى إلى أن نحصل على جيل من الاختصاصيين يمكن أن يحمل الراية باستقلالية و”تمكّن”.
إن توفير عيادة للمسنين ليست هي منتهى الأمل حيث أننا نطالب بعيادات للذاكرة والهشاشة والسقوط. والتي تندرج جميعها تحت تخصص طب المسنين. وإن دول عربية مجاورة قد حققت هذا المستوى من الخدمة المتخصصة لكبار السن. ونحن ما زلنا نطالب بمجرد عيادة عامة للمسنين يديرها طبيب متخصص ذو خبرة!
لذلك يجب أن تكون هناك خطة زمنية محددة من قبل وزارة الصحة فى هذا الشأن.. وليس هذا فحسب، لأنه وفى الوقت الحالى، يوجد على سبيل المثال لا الحصر، من يعانون من ألزهايمر فى مراحل المرض المختلفة، ويجب أن يُدرج فى الخطة توفير عيادات الذاكرة، وعلى المنوال نفسه عيادات الهشاشة والسقوط وغيره.

ولا نستطيع تجاهل معاناة الأهالى مع مرضاهم من المسنين فى المنزل، حيث لا توجد خدمات رعاية منزلية طبية وتمريضية وتأهيلية.
الخدمات التمريضية للمسن كبيرة، وتشمل حتى اعطاء الأدوية الوريدية فى البيت كما هو مطبق فى الخارج إضافة إلى الغيار على الجروح والقرح الخ. هذا فضلا عن خدمات العلاج الطبيعى والتأهيل فى المنزل وزيارة الطبيب “المتخصص” بصورة دورية على فترات محددة حسب حالة المريض.
ومن المثبت دوليا، أن تقديم الرعاية فى المنزل أوفر من تقديمها فى المستشفيات على المستوى المادى للقطاع الصحي، والمعنوى للمريض. كما أنها تحد من تدهور الحالات فى المنزل حتى لا يضطر إلى دخول المستشفى.
يمكن تلخيص ما سبق فى أن الحاجة ملحة إلى خطة سريعة محددة لعمل عيادات المسنين فى جميع محافظات الكويت، وعيادات الذاكرة، وتطوير نظام الرعاية المنزلية، وكل الخدمات الصحية والتأهيلية لكبار السن يجب أن تكون خاضعة لجهة طبية ممثلة بوازة الصحة وليس وزارة الشؤون، فضلا عن توفير الكوادر الطبية المتخصصة ويمكن الاستعانة بأطباء من جنسيات عربية أخرى. وعلى خط مواز تدريب مكثف للأطباء المواطنين لحمل الراية فى أقرب وقت.