أقلامهم

الرقص على آهات “البدون”

أسوأ أنواع الظلم بين البشر هو استغلال معاناة ومصائب الناس الضعفاء لتحقيق مصالح وغايات دنيوية، وانتهاز تلك المعاناة والآهات للتكسب المادي والمصلحي، كما هو حاصل في الكثير من حكومات وبرلمانات دول العالم الثالث، حيث تستغل قضايا الإثنيات والأقليات واللاجئين وعديمي الهوية للدعاية الانتخابية والبهرجة الإعلامية لقوى وتيارات وأحزاب سياسية تقدم فكرها الميكافيلي على حساب الأخلاق والمبادئ والدين والأعراف الحميدة.
الظلم من أسوأ الذنوب وأبغضها لدى الخالق عز وجل، ولدى الكثير من البشر لأنه يصدر من إنسان يشعر بالنقص والدونية في داخله ليمثل دور القوي والمقتدر ضد الضعيف والمسكين وذوي الحاجة، وقد توعد الله، سبحانه وتعالى، الظالم المعتدي على حقوق الآخرين بالوعيد الشديد، وصدق من قال «ظلم الضعيف أفحش أنواع الظلم».
ما يحصل مع البدون من ظلم وتجاهل يختصر لك الفكر الميكافيلي القائم على مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» لدى الكثير من القوى السياسية والمتنفذين في البلاد في تعاملهم مع تلك القضية واستغلالها بشكل بشع لتحقيق مصالح ضيقة على حساب حياتهم ومستقبلهم.
فتجاهل الحكومات المتعاقبة لوضع حل جذري لقضية البدون منذ عقود وسنوات طويلة وتركها دون تحرك جدي أدى إلى استغلالها من قبل القوى السياسية وجعلها أولوية في برامجها الانتخابية الخادعة والتي سرعان ما يتم نسيانها بعد الوصول الى مجلس الامة ومن ثم تبدأ مزايدة أخرى هدفها التمثيل واحراج الحكومة وهو الدخول في سجالات معها لإنشاء لجنة مؤقتة للبدون محاضر اجتماعاتها تخلو من النصاب والحضور لأعضائها، فينتهي عمر المجلس من دون انجاز تلك اللجنة قانوناً واحداً ينصف البدون!
الرقص السياسي على معاناة البدون لم يتوقف يوما واحداً بل استمر طالما لاتوجد نية حقيقية لإنصافهم ورفع الظلم عنهم، وكان آخرها إقرار مجلس الأمة لقانون يسمح للحكومة بتجنيس ما لا يزيد على 4 آلاف شخص خلال العام 2018 ليخرج علينا نواب مجلس الأمة يبشرون غير محددي الجنسية بأن ذلك القانون سينصفهم وجاء لمصلحتهم وهي تصريحات جوفاء تستخف بالبدون المساكين، وهدفها التكسب الانتخابي على حساب معاناتهم، لأن القانون في وادٍ، وحل قضية البدون في واد آخر.
كفاكم يا سياسيون كذباً واستغلالاً لمعاناة وآهات البدون، فهم بأمس الحاجة لمن يصدق معهم بالقول والفعل، وليس من يمثل عليهم ليحقق مكاسب ومصالح انتخابية خادعة.