محليات

بيان المنبر الديمقراطي الكويتي في الذكرى الثامنة والعشرين للغزو العراقي الغاشم

عندما تأتي ذكرى الثاني من أغسطس من كل عام، تنتاب الكويتيون مرارة الاحتلال بكافة أشكاله وأصنافه، عندما سقطت البلاد في عام ١٩٩٠ تحت نير احتلال عراقي دام أشهر سبعة، تبدلت خلالها وسقطت العديد من الأقنعة، في وقت وقف فيه جميع الكويتيين وراء شرعيتهم الدستورية كما ارتضوها المجسدة في المادتين الرابعة والسادسة في الدستور.
وعندما تمر هذه الذكرى اليوم في عامها الثامن والعشرون، فإننا نستذكر الدروس والعبر التي خرجنا منها من هذه التجربة الأليمة، والأبطال الذين قدموا أرواحهم الطاهرة في سبيل التحرير، من استشهد فيهم حاملا كفنه، ومن قاوم قوات الاحتلال، ومن أسر في سجون الظلام متحملا صنوف التعذيب، ومن صمد على هذه الأرض، ومن أجبر على العيش في المنفى، فشكلت كل هذه الأطراف عبر تكاتف وتلاحم وطني وحدة شعبية قل نظيرها وندر في تاريخ الشعوب الحديثة، حتى جاء التحرير ليلتم شملنا وترتفع راياتنا، ونبدأ بحلم كبير لـ «كويت جديدة»، وإصرار لتجاوز المحنة، وطي صفحة الماضي وفتح أخرى لبناء وطن آمن ديمقراطي، هدفها نهضة حقيقية شاملة تحمل بين ثناياها استدامة تنموية متطورة.
إلا أنه في السنوات التالية، أخذت الآمال والتطلعات والصورة الجميلة التي رسمها الكويتيون تتبدد، فعادت الأخطاء، وتجاهلت السلطة التنفيذية دورها المناط في إدارة البلاد، فظهرت حالات الإفساد والفساد، وتنامت، لتنخر في جسد المجتمع الواحد ويطال مختلف القطاعات والمؤسسات، رافقها تصاعد مستويات التذمر والسخط الشعبي الرافض لمثل هذه السياسات، لترفع معها حالة من الاحتقان والغليان تفجرت في أكثر من موضع وحراك، لم تستجب السلطة لها، ولم تحسن علاج أخطائها، بل استمرت في عمليات التأجيج وضرب المواطنة الدستورية، وتفتيت وحدة المجتمع حتى بات اليوم الرأي وحريته، والحراك المنادي بالإصلاحات، ومطالبات محاسبة المتجاوزين، تهم توزع يمينا وشمالا، حتى وصلنا لمرحلة خطرة وصعبة من التفكك المجتمعي.
لقد عاشت الكويت خلال هذه السنوات في ظل أزمات متتالية على كافة الأصعدة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: سرقة الاستثمارات والناقلات وتكرار حل مجلس الأمة والإيداعات المليونية والتأمينات الاجتماعية وتعديل النظام الانتخابي والانفلات الأمني والحريات العامة والإسكان والجنسية ..الخ، مازالت انعكاساتها مستمرة على واقعنا، حتى شهدنا الكويت تتراجع في مستويات مدركات الفساد، وليس أدل من ذلك سوى انتشار جريمة الشهادات المزورة، وكلها مؤشرات تدل على فشل الإدارة التنفيذية وعجزها عن مواجهة التحديات في ظل توترات إقليمية خانقة تجوب منطقة الشرق الأوسط.
وإذا كنا نحن في المنبر الديمقراطي الكويتي قد أشدنا في أكثر من مناسبة بالدور الكبير الذي لعبته الكويت خارجيا بتوجيهات من سمو الأمير ضمن محاولات دؤوبة لوضع أسس الاستقرار العام في منطقة ملتهبة، فإن على السلطة تتويج هذا النهج باستراتيجيات عملية تخلق نوع من الاستقرار الداخلي العام وفق سياسات متوازنة لاجتياز مسلسل الأزمات وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بمعرفة نواح الخلل ومعالجته بصورة جذرية، تنطلق أساسا من توفير أرضية صلبة ومناخ مناسب لجميع أبناء الوطن لممارسة حقوقهم الدستورية المشروعة بداية من العفو العام عن قضايا الرأي والحريات العامة.