كتاب سبر

“في مقهى الشعراء”

في إنتهاء عشاء فاخر بمقهى الشعراء بمنطقة الزمالك يصادفها عطلة نهاية الإسبوع احتفل معي اصدقائي ومجموعة من الزملاء بمناسبة النجاح بدبلوم الماجستير وبدء المناقشة في رسالة ” الإقتصاد السياسي ” وكانت ليلة جميلة والجو ولا أروع منه ، وكنا نتحدث مع اصدقائنا الإعلاميين والقانونيين والأكاديميين عن كافة المجالات وايضا لاتخلو الأجواء من الكوميديا والمرح بل وكنا نردد بعض الإغنيات للعندليب الأسمر عندما يعبر عازف العود العجوز من حولنا في ذلك المقهى ناهيك عن الجرسون ( حمادة ) وذوقه الرفيع في اختيار الطلبات قبل ان نرى قائمة المطعم في المقهى ولانشك في ذوقه دائماً في اختيار الكعكة وتقطيعها والجميع كان مبتسماً وسعيداً حتى اقترب آذان الفجر موعد مغادرتنا المقهى وياليتني لم أغادر الطاولة ….

في طريقنا لركوب السيارة وقهقهتنا ومزاحنا وعددنا عشرة أشخاص كنت كالعادة بطيئ المشي وبعد مرور ٩ أشخاص لم أستطع المرور من مشهد كارثي ومؤلم توقفت لمدة طويلة اتسائل أولاً : كيف تجاوز ٩ اشخاص كانوا معي ومحسوبين علي وهم من عمل الإحتفال والوليمة الكبيرة خاصة لي أنا ؟
وثانياً : كيف لمشهد مثل هذا أن يكون بلا مسؤولية ؟
وأخيرا : كيف أبوح بحقيقة لم أستطع أن أحاسب نفسي قبل محاسبة الناس فيها وعن أي إقتصاد وعن أي سياسة أناقش بها رسالتي في الماجستير ولماذا هذا الدمار ؟

مشهد ” الطفل ” المستلقي على ناصية المقهى وواضح يهلكه العطش حيث نام تحت صنبور المياه خلف مبنى المقهى لأن شرب الماء ليس بالمجّان رغم المسافة بين اطول نهر بالعالم ” النيل ” والمقهى هي ١٥ متر فقط !!!

وبعد تأخري عن أصدقائي المستعجلين للوصول للفندق لأداء صلاة الفجر وتذمرهم وصراخهم : لقد أخرتنا يا ” بارد ” يا عديم الإحساس بنطوفها لك لأن محتفلين فيك ، أسرع !!!

انفجر ماكتمت به وتحولت الليلة من مرح الى غضب كبير لم يعتد أحد أن يراني فيه بهذا الحزن لأن هذه الصورة ان لم تغير او على الأقل تحرك مشاعرنا فنحن لانستحق نعمة ” الإنسانية ” ..

أعزائي ، الكريم هو من يزكي ويتصدق للفقراء والغارمين ويساعد المحتاجين والبسطاء

أعزائي، الشجاع هو من يدافع عن المظلومين والمهمشين في كل زمان ومن أي مكان على الأرض او على الأقل لايصفق للباطل ضد الحق

أعزائي ، الطيب هو من يراعي مشاعر الناس ويحترم نفسه لأن النفس (عزيزة )

أما الولائم والعزائم للشخصيات المعروفة او المشهورة او الكبيرة ذات المناصب من أجل التقرب لها لمصالح شخصية لاتوهموا نفسكم بأنها “كرم ”
وتصفيقكم للفاسدين لم ولن يغطي نظافة وشرف وعزة “الطيبين” والمصلحين .. عموما نذكركم بقوله سبحانه وتعالى :  {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } .

علي توينه – القاهرة
@Alitowainah