محمد فاروق الامام
كتاب سبر

الثورة ماضية حتى يحكم الله بيننا وبين فرعون الشام الصغير

لقد ظن موسوليني كحال كل الطغاة أن إنقاذه من قبل صديقه مجرم الحرب هتلر من مقر اعتقاله في قمة جبل (ايينيني) سيعيده ليتبوأ منصبه رئيساً لإيطاليا من جديد وبالتالي ستخضع إيطاليا والجماهير الإيطالية الثائرة لسطوته وإرادته.
فبعد دخول الحلفاء لإيطاليا تم الانقلاب على موسوليني وتم أسره وظل موسوليني في أسره على قمة جبل (ايينيني) 53 يوماً، إلى أن استطاعت المخابرات الألمانية ان تكتشف مكانه النهائي عن طريق جواسيسها فأعدت خطة لإنقاذ موسوليني من الأسر بأمر مباشر من هتلر نفسه وقد تم تعيين الضابط المظلي الشهير أوتو سكورزيني رئيساً لهذه المهمة الميدانية.
كان معتقل موسوليني محروسا بثلاثين جندياً إيطالياً على رأسهم ضابط برتبة نقيب ولم يكن المكان صالحا لهبوط الطائرات عندما انقض سكورزيني من الجو بطائرة صغيرة ذات محرك واحد من طراز (سيغونيا) وثلاث طائرات شراعية مجموع من فيها 22 مظلياً ألمانياً.
فسارع سكورزيني إلى نقل موسوليني في السغونيا بعد أن شل حركة الضابط والجنود الطليان وحلق به في الجو تتبعه الطائرات الشراعية إلى أن وصل به الى ألمانيا حيث كان ينتظره هتلر.
مكث موسوليني أسبوعا في ضيافة الفوهرر ثم عاد إلى شمال ايطاليا بالقرب من ميلانو على بحيرة غاردا فأعلن الجمهورية الإيطالية الشعبية ووضع دستورها وظل رئيساً لها حتى 22 نيسان 1945 اي نحو سنة وسبعة أشهر وأربعة أيام.
وفي السابع عشر من نيسان 1945 انهارت قوى المحور، وكان موسوليني حينئذ ما يزال في ميلانو، وعند انسحاب الجيش الألماني أخذت الميليشيات الرافضة لحكم موسوليني بالاستيلاء على كامل إيطاليا فقرر موسوليني الهرب من إيطاليا لكي لا يقع بأيدي الحلفاء أو الثائرين عليه من الميليشيات الإيطالية، فحاول الهرب إلى سويسرا مع بعض زعماء الفاشيست لكن قوات الميليشيات الإيطالية الثائرة قطعت عليهم الطريق وحالت دون بغيتهم والحكومة السويسرية لم تسمح لهم بالدخول إلى اراضيها ولكن سمحت للجيش الألماني بذلك.
عندئذ حاول موسوليني أن يدخل مع الجيش الألماني إلى سويسرا متخفيا بملابس جندي ألماني لكن أحد قادة الميليشيات الايطالية الكولونيل بيدرو عرفه فقبض عليه، وتسلمه الكولونيل فاليرو بأمر من القيادة ثم أخذه الى مكان بالقرب من قرية دونغو وقتله. وتم نقل جثمان موسوليني إلى ساحة لورتيو في ميلانو وعلق من رجليه، تنفيذاً لما كان قاله: إذا هُزمت فاشنقوني من رجليَ.
واليوم يعيد التاريخ نفسه فها هو مجرم الحرب بشار الأسد الذي سماه حلفاؤه الروس ب(ذنب الكلب) وسماه الرئيس الأمريكي ب(الحيوان) يظن واهماً أنه انتصر على الشعب السوري الرافض لبقائه في سدة الحكم باستعانته بالدب الروسي الذي سخر كل ترسانته الحربية الجهنمية للحيلولة دون سقوطه أو هزيمته، واعترافه بأنه لولا روسيا لما بقي الأسد ونظامه أكثر من أسبوعين في الحكم، وكان العالم كله يشهد المجازر اليومية التي يرتكبها هذا النظام وحلفائه من الروس والإيرانيين وحزب اللات والميليشيات العراقية والأفغانية التي استقدمها النظام من خارج الحدود، دون أن ترتعش لهذا العالم عين أو تختلج له جارحة.
سبع سنوات أو يزيد كانت مقصلة النظام ومحرقة حلفائه تجز رقاب السوريين وتدمر مدنهم وبلداتهم وقراهم في طول البلاد وعرضها، والشعب السوري صابراً يقاوم بما تتوفر له من الوسائل غير الفعالة بمواجهة آلة الحرب الروسية والإيرانية وما تبقى لدى النظام من وسائل قاتلة ومدمرة وحارقة، إضافة إلى المناورات السياسية في مجلس الأمن ووراء الكواليس، وانفضاض الدول التي كانت تملأ وسائل الإعلام جعجعة أنها ستنصر الشعب السوري وتقف إلى جانبه، لتصف في نهاية المطاف إلى جانب سفاح دمشق سواء بالسر أو العلن.
لقد قدم الشعب السوري نصف مليون وأكثر شهيداً على مذبح الحرية، ونحو عشرة ملايين مهجر ونازح خارج حدود الوطن وداخله، ولا زال يقدم، وسيلقى فرعون الشام الصغير نفس مصير أسلافه من الطغاة ومجرمي الحرب، فهذه سنة إلهية، وعندما تحين تلك اللحظة لن يجد لا خامنئي ولا نصر اللات ولا بوتين يخفوّن لنصرته.
وإن تعرضت ثورة الشعب السوري إلى بعض التراجع فتلك سنة مرت بها معظم ثورات الشعوب في العالم، فلكل حصان كبوة، وستظل هذه الثورة ماضية لاقتلاع هذا النظام السادي وجميع أركانه ومكونات حكمه مهما طال الزمن أو قصر، ومهما غلت التضحيات، فالشعوب – كما علمنا التاريخ – لا تقهر ولا تنهزم، ولنا فيما روته كتب التاريخ من حقائق لما حل بالطغاة والقتلة والمجرمين درساً في الصبر والمصابرة حتى يحكم الله بيننا وبين فرعون الشام الصغير.

محمد فاروق الإمام