كتاب سبر

High Light
“ليزر سياسي”

هل نحن ناضجون ؟ هل نعي أهدافنا ولدينا قدرة علي توجيه الطاقات والإمكانات صوب تحقيقها؟ هل لدينا اكتمال فكري يهلنا لأتخاذ قرارات منطقية صائبة نحو المستقبل؟ ، أم مازلنا في طور الطفولة السياسية والرغبة في أمتلاك اللحظي للتمتع والسيطرة علي كل من حولنا ؟ .

إن المدقق في أحوالنا يخلص الي أن معظم أسباب مشاكلنا تتمحور حول النضج ، فالنضج هو عمود الخيمة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية… الي غير ذلك ؛ والنضج ليس نبتة برية تخرج من الأرض دون حرث وكَدٍ ، فالنضج ثمرة لمخزون ثقافي وتراكم خبرات وتربية يتقزم أمامها كل الأهداف الشخصية هذا من جانب ؛ ومن جانب آخر تتعظم فيه الرغبه الجامحة في تحقيق الأهداف الكلية للمجتمع ؛ وهيات لنا ذلك دون جهود برامج مؤسسات التنشئة الأجتماعية كالمؤسسات التربوية والإعلامية والدينية والأسرية… الي غير ذلك .

فتصويت الناخب الكويتي علي الخلفيات القبيلة والطائفية والفئوية ليس إلا بسبب غياب النضج ؛ فلو أنه ناضج ولديه رؤية مستقبلية واضحة الأهداف لما صوت إلا لبرامج انتخابي يصب في اتجاه المصالح العليا للوطن ، فغياب النضج السياسي حال بينه وبين تميز الصالح من الطالح والغث من السمين .

وغياب النضج وقصر النظر هو الدافع الخلفي وراء التدخلات الحكومية الدائمة بالانتخابات وتوجيه الأصوات لفئات بعينها ؛ لضمان الولاء والهيمنة الحكومية علي مجلس الأمة لتمرير القوانين المفصلة علي مقاسات أصحاب الهوي وقطط الفساد السمان ، ولو أن العقول السياسية نضجت والأهداف العليا للبلاد اتضحت لأدركت الحكومة أن المعارضة جزء لا يتجزأ من كمالها ، وبما أن النضج غاب وإناء الطيش فاض فلا غرابة أن يمتلئ الأفق بالملاحقات السياسية ، وتكسير عظام الحرية ، والقتل السياسي بسحب الجنسية علي خلفية الآراء السياسية ، ومن الحزن جداً وجود طلائع العمل السياسي الكويتي بالمنفي؟!.

ختاما :

لنا في النبي صلي الله عليه وسلم القدوة الحسنة ، فقد ظل طيلة سنوات الدعوة ، ينتزع من قلوب أصحابة الذاتية وقصر النظر والسعي وراء الأهداف الآنية ويزرع فيهم السعي وراء الأهداف الجسام ، أليس هذا هو النضج ؟! ألم يسودوا العالم ، تجلي ذلك في رد “ربعي بن عامر” علي “رستم” قائد الفرس حين قال : “جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد الي عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان الي عدل الأسلام” رد يعلو عرش النضج بإيجاز مركز صُوِبَ نحو الأهداف الكلية البعيدة الشاملة ؛ حقا هو النضج الذي غاب عن سمائنا .

ودمتم بخير

د.حمود حطاب العنزي

تعليق واحد

أضغط هنا لإضافة تعليق

اترك رداً على م . عبدالرحمن العنزي إلغاء الرد