حسن العيسى
كتاب سبر

عيب عليكم

“يحليلها ” حكومة الفلتات والعبقريات بعد ان بلغتنا ببياناتها الثورية عن مدى تأثرها وتفاعلها مع مطالبات صحافة الحريات والضمير التي تنقل بكل موضوعية ومصداقية قضايا الدولة الكبرى وهموم الشعب بمانشيتات رائعة مثل نسور ونمور مباحث الداخلية تقبض علي آسيوي وهو يبيع زجاجة خمر محلي، وندعو الله بهذه المناسبة أن يحفظ هذه الصحافة الحية الواعية المنزهة عن منافع ومصالح ملاكها الزاهدين! دعت حكومة الحصافة وزير الاعلام الى إحالة “عدد من أصحاب بعض الخدمات والمواقع الاخبارية المرخصة إلى النيابة ” (القبس)، لمواجهة “الفتن والإشاعات والحسابات الوهمية”، بالتعبير الروائي لوزارة الحقيقة في أرويل 1984، مع أنه لا يوجد وهم “حقيقي” يتجرعه الوطن وابناؤه غير تلك الأوهام التي تنسجها هذه السلطة في مخيلتها وأحلام يقظتها منذ سنوات طويلة عن الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد وغيرها من خيالات إبداعية لألف ليلة “ونيلة”.

جريدة السياسة، قبل يومين نشرت خبراً عن تطوع وزير الداخلية لملاحقة المغردين الوهميين وكشفهم دون حاجة لتهرول الحكومة وتتسابق مع مجلسها النيابي لإصدار المزيد من تشريعات قمع الرأي المخالف، كأن تقوم سلطة “البخاصة” بالترويج بعقوبة سحب الجنسية، وكأن الجنسية هنا صدقة وهبة من السلطة للمواطنين لها حق ان تسحبها منهم حسب المزاج السلطوي! ثم عادت جريدة السياسة بعدد الأربعاء لتنشرا خبراً ينفي ما نسب للنائب الثاني وزير الداخلية، من نصدق هنا! الله اعلم!

بكل الأحوال، الثابت بيقين أن التشريعات المصادرة لحرية الضمير بالدولة أكثر من كافية ومرعبة، والدولة لديها وفرة وفائض بالإنتاج من قوانين القمع للرأي، وتستطيع ان تصدر، دون حساب، لدول النكد العربية، لكن تحت أي ظرف كان كم نتمنى علي وزير الداخلية، بمبادرة منه، أن يقوم بكشف من يقف خلف بعض الحسابات الوهمية، ويدفع لها “المقسوم” كي تصفى حسابات صراعات كبيرة بين أهل السلطة، فمثلا أحد الحسابات “الوهمية” تخصص في الردح ضد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فما هو رأي النائب الثاني في تغريدات الضرب بالنائب الأول…! يا ليت الناطق الرسمي للتواصل الإجتماعي الحكومي والناطق باسم الحكومة ينورنا هذه المرة، مثلما نورنا بنفي خبر ما نسبته جريدة السياسة لوزير الداخلية.

عيب، وكلمة عيب كبيرة يجب أن تقال لهذه الحكومة وكيف تدير أمور البلد وتلهي الناس في تلك الملهاة والتفاهات، عيب أن تتناسى سلطة الحكم ممثلة بهذه الحكومة الغارقة في خلافاتها وصراعات أقطابها حجم التحديات الإقتصادية والسياسة الكبرى امام الدولة، هل انتهت وأغلقت ملفات الفساد والإهمال والتسيب الاداري مرة واحدة وللأبد! هل انتهت أزمات مثل كارثة المرور أو التعليم والعجز الأبدي في بيروقراطية الإدارة وإهمالها، هل حلت هذه السلطة تحدي عشرات ومئات الاف القادمين لسوق العمل في ظل واقع الإعتماد المطلق على مصدر وحيد للدخل ورب عمل واحد هو السلطة ذاتها..! هل انتهت قضايا مخيفة تحيط بمنطقة الخليج اليوم وصراعات تتأجج وتتصاعد نيرانها يوماً بعد يوم …؟ أين نبدأ وأين ننتهي في هموم وجودية للدولة وأخطار محدقة بها، بينما هذه السلطة التي تدير هذا “الشو” الممل مشغولة بهذا الغث وتشغلنا بهذا السخف عن الحسابات “الوهمية” واصحابها .. عيب وعيب كبيرة نقولها لدعاة الوهم وأعداء حرية الفكر.