كتاب سبر

إلى شعيب المويزري

انتشر مقطع فيديو للنائب الفاضل شعيب المويزري في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “أقوى رسالة لأسرة الحكم” تعلّق بكلمة له أثناء جلسة لمجلس الأمة. وقد انتشر المقطع بشكل كبير وتسبب في ردود أفعال واسعة، مؤيدة في غالبيتها لما جاء فيه. واعتبر المويزري في كلمته أن “الأسرة الحاكمة” هي السبب في كل ما يحدث (من مشاكل) في الكويت، واصفا أسباب ذلك بأنها “مرّة وقاسية”، وموضحا بأن “الأقسى من كل ذلك هو السكوت عن كل ما يجري”.

وأكد المويزري أنه في الثلاثينات من القرن الماضي تحالفت الأسرة الحاكمة مع البدو ضد الحضر، ثم في مرحلة لاحقة تحالفت مع الحضر ضد البدو، ثم مع السنّة ضد الشيعة، وبعدها مع الشيعة ضد السنّة، وأنها – أي الأسرة الحاكمة – بدأت تتحالف الآن مع كيانات صغيرة ثم توحي لها بأنها من دون التحالف مع الأسرة فلن تكون هذه الكيانات شيئا يذكر، معتبرا أن ذلك هو السبب الرئيسي لكل ما يحدث من تردّي للأوضاع.

ووجّه المويزري حديثه إلى بعض أفراد الأسرة الحاكمة ممن هم على سدة المسؤولية الحكومية، وقال بأن هؤلاء لا يعترفون أن الأمة هي مصدر السلطات. ثم أشار إلى الأحداث في العراق وفي لبنان، مؤكدا بأن النهج المتّبع في إدارة الأمور في هذين البلدين هو الذي أدى إلى حدوث اضطرابات وفوضى فيهما، منتقدا الموقف الحكومي في الكويت “الذي لا يريد أن يتعلّم الدرس مما يحدث في العراق وفي لبنان”، داعيا المسؤولين من الأسرة الحاكمة إلى احترام الدولة وعدم العبث مع الشعب الكويتي. وقال إن مستقبل الكويت مجهول، بسبب إدارة سيئة تدير الأمور فيها، وأن هذه الإدارة لا تملك القرار ولكنها تنفّذ “نهجا” لا يستطيع حتى رئيس الحكومة الجديد أن يغيّره.

كما شدّد المويزري على وجود ممارسات تهدف إلى “بيع البلد” وأمام مرأى المسؤولين من أفراد الأسرة الحاكمة. وحذّر من أن الفئة التي تحالفت معها الأسرة الحاكمة خلال السنوات العشر الأخيرة (في إشارة واضحة إلى التجار) “تخطّط لسرقة ونهب البلد”، ومن ذلك وجود مخطّط لمشاريع نفطية بقيمة 550‪ مليار دولار، محذرا من “اتّباع سياسة تجويع الشعب وإشغاله بالمشاكل من أجل مصالح التجار”.

وعلى الرغم من حرص المويزري، سواء في كلمته هذه أو في مواقع أخرى، على مستقبل الكويت، وتحذيره مرارا من استمرار الفساد ونهب البلاد عن طريق المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وخوفه على مصير الجيل الحالي والقادم من الشباب فيما يتعلق بمستقبلهم، ونقده لنهج أسرة الحكم في إدارة أمور البلاد والتي أصبحت مؤشراته ونتائجه مخيفة، غير أن هذا الحرص والخوف والنقد والتحذير، أصبح في حد ذاته غير كاف، ولابد أن يليه وجود مسعى لطرح رؤية سياسية واقتصادية تساهم في معالجة الأوضاع بصورة أساسية وتعمل على انتشال الكويت من الوضع الراهن.

فلا يكفي أن نضع أصبعنا على الجرح، دون أن نسعى لطرح علاج له من خلال الوقوف على أرضية فكرية واضحة. ولا يكفي أن نرفع شعار الإصلاح السياسي كمخرج من الفساد السياسي الناتج عن العبث بالعملية الديمقراطية، دون أن يتبع ذلك طرحا تخصصيا يملك إجابات على الأسئلة المتعلقة بكيفية معالجة مختلف مواطن الخلل وصور الفساد. فالمواجهة لا يمكن وحدها أن تفي الموضوع حقه، وإنما لابد للمعالجة أن تكون حاضرة أيضا.

فكيف نريد لهذه المعالجة أن تكون؟ وهل شعار الإصلاح السياسي هو جزء من المعالجة أم هو آلية للخروج من الوضع القديم والدخول إلى الوضع الجديد؟ وما هو الوضع الجديد هذا؟ أو ما هو الوضع القادر على إنقاذ الكويت من الفساد، ومن عدم إهدار الـ550 مليار دولار التي أشار إليها المويزري؟ هل نريد علاجا ليبراليا، من خلال ديمقراطية ليبرالية، واقتصاد ليبرالي؟ أم نريد علاجا اشتراكيا من خلال المزيد من التدخل الحكومي في الشأن العام، من اقتصاد وسياسة وحريات وغيرها؟

لقد كان نهج الهيمنة الحكومية سببا في انتشار الكثير من الفساد، في السياسة والاقتصاد والإدارة، فمسّ ذلك الديمقراطية والانتخابات، ووصل إلى التوزير والتعيينات، بعدما استند كل ذلك إلى سياسة التوازن والمحاصصة، فأصبحنا نزرع عن طريق خطط مشبوهة ومن ثم نحصد مشاريع فاشلة وفاسدة. أما النهج الرأسمالي والخصخصة فهو أيضا لم يخلُ من الفساد، فتم تقديم ثروات ومشاريع البلاد للتجار الذين طالبوا بخصخصتها في إطار يخدم مصالحهم الضيقة بعيدا عن مختلف قوانين الرقابة الشعبية والمؤسساتية ومسؤولياتها الاجتماعية التي تحتّمها الديمقراطية الليبرالية. فتم اللعب بالمقدرات والاستفادة منها بصورة سيئة تحت عنوان الخصخصة.

فالنائب المويزري وضع إصبعه على الجرح، وعليه أن يتحمّل مسؤولية المشاركة في وضع العلاج لهذا الجرح. فالتغيير يعتمد في جانب منه على الإصلاح السياسي، لكن ماذا عن مرحلة ما بعد عملية الإصلاح؟ وهذا مما يحتاج إلى انتخاب نهج لا يحتوي فقط على حلول سياسية، وإنما أن تكون هناك رؤية اقتصادية وإدارية، أو رؤية تنموية تحاكي مفهوم الدولة الحديثة..

فاخر السلطان

تعليق واحد

  • الاخ الكريم فاخر/
    النائب شعيب ليس مطالب بوضع حلول وليس هو الذي يتحمل مسؤولية وضع الحلول، فالحكومة هي رأس الفساد بالتالي هي المسؤولة عن معالجة الاوضاع وليس النائب شعيب. فليس من المنطقي ان يخطئ أخي ويقوم شخص أخر بتحمل مسؤولية تصليح هذا الخطأ.

    تقبل مروري ❤️

أضغط هنا لإضافة تعليق