كتاب سبر

High Light
“تكسير”

العلاقة بين الاستبداد وتكسير الثقافة والفكر علاقة وجودية ؛ وبالطبع ليس المقصود بالتكسير معناها الحرفي فدعم التافهين الخاوين من أنصاف المثقفين وتكريمهم تكسير ، و محاربة الثقافة التي تدعم وتسبب تغير الواقع تكسير ، وتلميع المستأنسين من المثقفين وإغداق الهبات والميزات عليهم دون غيرهم تكسير، وإسناد المناصب القيادية لمن لا يستحقها قتل للطموح و تكسير .

وغير خفي على أحد دور الأجهزة الأمنية في معظم الدول العربية في تضييق الخناق علي المثقفين وأصحاب الفكر ممن لديهم القدرة على التأثير والالتحام بالمجتمع ما من شأنه تغيير القناعات وأنماط التفكير، فالعصى والجزرة يتناوبان حتي ينجح أحدهما ؛ وإلاّ فأحضان السجون ترحب ولسان حالها يقول : هل من مزيد؟! ، وحسبنا نتذكر أن أعداداً كبيرة من خيرة الشباب الوطني الكويتي مهدد بالسجن والنخبة السياسية توجد بالمنفى ؛ في حين ما يسمى بالقبيضة أحرار طلقاء بعد حفظ قضاياهم..!

ومن منطلق أن ميزان علم الاجتماع لا يخطئ أبداً في تقييم المجتمع وتحديد هويته بل والتنبؤ بمستقبله ؛ لذلك يحق لنا أن نتساءل، من هم المثل العليا في المجتمع الكويتي؟ ، من المكرمون فيه؟ ، من النجوم الساطعة من الذين اذا تحدثوا أصغى لهم الجميع؟،من الذين يشير إليهم المربون والأباء ليحذوا الأبناء حذوهم؟، من هم الذين يتبوأون المناصب القيادية؛ إن كانت الإجابة : الإصلاحيين الشرفاء من نخب مثقفة أصحاب التخصص ، فأبشروا بالخير والاستقرار والأمان حتى لو كنا نعيش بين أمواج متلاطمة ومشاكل عاتية. وإن كانت الإجابة: الفاشينيستات وإنصاف المثقفين من النكرات المتسلقين المطبلين لكبار المسئولين؛ فأبشروا بمزيد من التراجع بمؤشرات مدركات الفساد.

ختاماً:

إن دول العالم المتحضر تقدمت من خلال منح الحرية بكل أشكالها، ولكل فئات المجتمع دون إقصاء لأحد؛ فعاش المثقف هذا الجو الفكري فأبدع ، لامتلاكه مجموعة متكاملة من الأفكار والقيم والعادات والتقاليد تحيا به ويحيا بها ، اختفت معها كل مظاهر الردح والتطبيل القائمة على تضليل الناس بالغش والخداع، لترتفع مكانها قيم الامانة والصدق و والشرف والوفاء ؛ وعلى النقيض فإن تهميش الفكر والثقافة، و محاربة الإصلاحيين من كتاب ومثقفين وعلماء، خلق وعي زائف لا يخدم إلا المتنفذين المستحوثين على القرار السياسي ، والذي يسمح لهم بالسيطرة على مقدرات الوطن ومكتسباته ، لذلك نرى هذا التراجع المخيف في مشاريع التنمية ، لأن المصالح الشخصية الضيقة تقدمت على المصالح الوطنية العليا؛ وبالتالي تكسير كل القيم والمبادئ الوطنية في المجتمع .