كتاب سبر

كورونا وإدارة الأزمة 3 .. الأمن الغذائي

كشفت جائحة كورونا عن حجم الخلل الذي تعانيه البلاد في منظومة الأمن الغذائي الناتج عن الفساد وسوء الادارة في المؤسسة الاولى التي يفترض أنها الحصن الحصين للشعب وقت الأزمات و هي الهيئة العامة للزراعة و الثروة السمكية .. هذه الهيئة التي كان آخر اهتماماتها توفير الأمن الغذائي للمواطن وأول اهتماماتها تنفيع من لا يستحق من أفراد وشركات على حساب المزارع الكويتي الجاد طوال العقود الماضية .
لقد كشفت لنا كورونا أن الحيازات الزراعية والحيوانية المخصصة للأمن الغذائي ليست إلا غطاء للتنفيع، و أن المزارع الكويتي الجاد الذي أنشئت هيئة الزراعة لدعمه و خدمته هو أول ضحاياها . تلك السياسة الخاطئة أجبرت المزارع الجاد على ترك الزراعة بعدما رأى بأم عينيه أن محاصيله التي تعب في زراعتها وشقي في حصادها ترمى في مكب النفايات لأن الادارة الفاسدة سهلت سيطرة مافيا الخضار المستورد على الأسواق تحت نظر و سمع هيئة الزراعة وادارات الجمعيات التعاونية.
أما المشاكل المتعلقة بالركن الآخر من أركان المنظومة الغذائية وهو الثروة الحيوانية، فيعرفها كل من لديه أدنى معرفة بأصحاب الحلال، حيث أنهم ممنوعون من الرعي، ومن استيراد الأعلاف الخضراء ، كما يعانون من قلة الدعم المادي وندرة منافذ بيع الأعلاف المدعومة ( يوجد منفذ وحيد في منطقة الرابية).
لكن رغم تعدد مشاكل هذا القطاع الحيوي الذي نعتمد عليه في بقائنا، فالحلول كثيرة منها ما هو عاجل، و منها ماهو استراتيجي أوجزها في هذه السطور للمساهمة في الحل بدلا من الاكتفاء بالشكوى في هذا الظرف العصيب :
أولا : تغيير مجلس ادارة الهيئة العامة للزراعة و الثروة السمكية بأشخاص من ذوي الخبرة و النزاهة.
ثانيا : إعادة توزيع الحيازات الزراعية والحيوانية بشكل عادل ، مع إعطاظ الأولوية للمزارعين المنتجين و الشباب المبادرين أصحاب المشاريع الصغيرة .
ثالثا : إنشاء شركة مساهمة للاستثمار الزراعي تساهم فيها الدولة والمزارعين و كافة أبناء الشعب الكويتي ، بحيث يحق للشركة أن تستثمر في الانتاج الزراعي والصناعات ذات العلاقة بالزراعة داخل وخارج الكويت.
رابعا : السماح للمزارعين بتخزين منتجاتهم في برادات داخل مزارعهم حماية لها من التلف.
خامسا : السماح للمزارعين ببيع منتجاتهم للأسواق مباشرة دون إجبارهم على بيعها بثمن بخس في أماكن محددة كما هو حاصل الآن، أو شراء كافة محاصيلهم بأسعار عادلة.

أما الحلول المقترحة للثروة الحيوانية – مربى الأغنام بشكل خاص – فإنها لا تخفى على أهل الخبرة. منها على سبيل المثال، السماح باستيراد الأعلاف الخضراء ، وزيادة منافذ بيع الأعلاف المدعومة وزيادة الدعم المالي و اقتصار توزيع الحيازات الحيوانية (الجواخير) على أصحاب الحلال، و شراء شركة المواشي اللحوم من مربي الاغنام بأسعار عادلة.
أخيرا و ليس آخرا ، مالم تظهر الدولة جديتها في إصلاح منظومة الأمن الغذائي و ذلك باتخاذ قرارات جادة تكون على مستوى الأزمة التي تعيشها البلاد، و أولها اصلاح هيئة الزراعة، فإن أمننا الغذائي سيكون مهددا، و سيتسابق الناس على أكياس البصل بدلا من تسابقهم على نهضة وطنهم.

د.أحمد الذايدي