كتاب سبر

ماذا بعد استقالة الوكلاء؟

مثلما يتذرع وكلاء وزارة المالية الذين قدموا استقالاتهم بحرصهم على الصالح العام ورفضهم لنهج وقرارات وزير المالية، أيضا لهذا الوزير أن يبرر قرارات نقل الوكلاء بالصالح العام، فهم (يفترض) ليسوا أكثر منه حرصا على “الصالح العام” في دولة الكل فيها يتحدث مدافعا عن الصالح العام بينما الحقيقة المجهولة هي أن “الطاسة ضايعة” كالعادة في ديرة من صادها بالأول عشى عياله.

بإمكان هؤلاء الوكلاء المنقولين أن يلجؤوا للقضاء الإداري للطعن في قرارات النقل والتدوير متى كانت هناك مبررات للطعن كأن يكون الوزير قد تعسف بقراراته وحادت هذه عن المصلحة العامة بدلا من استعراض غضبهم في وسائل الاعلام وإظهار بعضهم نفسه وكأنه البطل المضحي بذاته في تقديم الاستقالة، وكانت الصحافة، بصورة مجملة، في خدمة الوكلاء المستقيلين، وبدت الأمور وكأنها فرصة لتصفية حساب مع وزير المالية المغضوب عليه.

هناك كلام يدور همسا بأن الوزير الشيتان لم يكن راضيا عن تصرفات سابقة لبعض الوكلاء حدثت أيام وزير المالية الأسبق نايف الحجرف في مسألة التعاقد المباشر لأرض الدولة التي كانت تحت نظام بي او تي بمنطقة السالمية، وكانت هناك تساؤلات مشروعة، ذلك الوقت، عن سبب عدم طرح الموضوع لمزايدة عامة وفق الإجراءات المعتادة، ولكن انتهت القضية وطارت الطيور بأرزاقها.

أيضا من جانب آخر لا يبدو أن هذا الوزير أصبح من جماعة المرضي عنهم لسابقة رفضه (أو تأجيله للمزيد من الدراسة)، قبل انتشار وباء كوفيد، لمشروع دمج البنك الأهلي المتحد وبيت التمويل، وطبعا تعرفون هنا مثل إن حبتك عيني ما ضامك الدهر، والشيتان لم تهواه تلك العيون المخترقة للدولة بطولها وعرضها، واذا كان احتمال بعدم عودة الشيتان لكرسي الوزارة القادمة، فعلى الأقل قام الوزير ما يعتقد انه الصواب وأدى واجبه بأمانة وعلى قدر الممكن المتعارف عليه بثقافة “الشيوخ ابخص”.

استقالة الوكلاء وقرارات الوزير بنقلهم أمام “نزاهة” الآن لبحث وتقص الحقيقة وما إذا كانت هناك مسائل فساد فيها، لكن الأمور لن تتحمل أي إطالة بها، ليت رئيس الوزراء يحسم الأمور الآن، فأوضاع الدولة المالية سيئة وهي تواجه أكبر عجز مالي في تاريخها، ولا يمكن إدارة الدولة بمثل النهج السابق ، فالتحدي خطير ، وعساكم أن تكونوا على مستوى المسؤولية.

حسن العيسى