رياضة

رحيل مارادونا.. التصقت الكرة برجله وفاز بكأس العالم لوحده

الثلاثون من أكتوبر، تاريخ راسخ في عالم كرة القدم لأنه يوم مولد اللاعب الذي راقص الكرة وأفضل من داعبها عبر التاريخ دييغو مارادونا، و25 نوفمبر هو يوم الحزن والبكاء لرحيل الأيقونة!

رحل أسطورة كرة القدم العالمية مارادونا، اللاعب الذي أسعد عشاق الساحرة المستديرة بأهدافه التاريخية، وأمتعهم بلمساته الفنية الساحرة، وأطربهم بإبداعاته الفريدة من نوعها.

رحل مبدع كروي عن عمر ناهز 60 عاما، إثر إصابته بسكتة قلبية، مخلفا وراءه ذكريات رائعة رفقة برشلونة، ونابولي، ومنتخب بلاده الأرجنتين، وهو واحد من القلائل الذين التصقت الكرة بأقدامهم بشكل فطري.

أبناء جيله يتذكرون كيف فاز بكأس العالم لوحده عام 1986، وكيف صعد بنابولي لوحده إلى أعلى السلم الأوربي، وحده كان غولا مبدعا في المستطيل الأخضر.

شغل العالم بمواهبه ومشاكله

سيتذكر الجميع حتما بأن مارادونا، ذلك اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته، وخسر نفسه بسبب المخدرات وابتعد عن ملاعب كرة القدم مرغما، بعدما خدر هذا المنشط أسلوبه وفنه ونقله من أمام مرمى كرة القدم إلى رهبة القضاة والمحاكم وأروقة المختبرات الطبية.

ولد مارادونا في 30 أكتوبر 1960 في لانوس إحدى ضواحي بوينوس إيرس الفقيرة.

وبدأ مسيرته مع نادي أرخنتينوس جونيورز قبل عيد ميلاده السادس عشر، ثم استهل بعدها مشواره مع منتخب بلاده عام 1977.

وقال بعمر السابعة عشرة “لدي حلمان، الأول أن أشارك في كأس العالم والثاني أن أحرزها”.

مر مارادونا الذي اختير رياضي القرن في الأرجنتين، في علاقاته مع بطولات كأس العالم بشتى المراحل بحلوها ومرها على مدى 16 عاما.

بدأت علاقة الولد الذهبي للكرة الأرجنتينية بالمونديال بخيبة أمل عندما تجاهله المدرب سيزار لويس مينوتي لدى اختيار تشكيلته الرسمية لمونديال عام 1978 لصغر سنه وافتقاده للخبرة.

وقال مارادونا بعد استبعاده: “إنه اليوم الأكثر تعاسة في حياتي، عندما أعلمني مينوتي بأنه اختار لاعبا آخر مكاني عدت إلى غرفتي وأجهشت بالبكاء”.

وتابع مارادونا مباريات منتخب بلاده على شاشة التلفزيون وشاهد دانيال باساريللا قائد المنتخب وماريو كمبيس هداف البطولة يقودان الأرجنتين إلى إحراز لقبها الأول وسط فرحة هستيرية في الشوارع الأرجنتينية.

“بيبي دي أور”

ولكن “إل بيبي دي أورو” (الفتى الذهبي) كان في عداد تشكيلة مينوتي العام التالي ليقود بلاده، إنما للفوز بكأس العالم تحت 20 عاما في اليابان حيث نال جائزة أفضل لاعب.

وشارك في مونديال إسبانيا 82 للمرة الأولى وكانت فرصة له للتعويض عما فاته في كأس العالم السابقة، ولأن الأرجنتين كانت حاملة اللقب، سلطت الأنظار عليها ونال مارادونا قسطا من الأضواء خصوصا أنه كان وقع عقدا للانتقال إلى برشلونة الإسباني.

وعلى الرغم من تسجيله هدفين، فإن حادثة طرده في المباراة ضد البرازيل في الدور الثاني بقيت عالقة في الأذهان.

وبلغ الذروة عام 86 في مونديال مكسيكو عندما قاد منتخب بلاده لوحده إلى اللقب الثاني بعد 1978.

ويمكن إطلاق اسم مونديال مارادونا على كأس العالم 86، لأن النجم الأرجنتيني طبع البطولة بطابعه الخاص وكان عزفه المنفرد مفتاح الفوز.

ومنذ المباراة الأولى التي لعبتها الأرجنتين في 1986 ضد كوريا الجنوبية، بدا واضحا تصميم الأمريكيين الجنوبيين على إحراز الكأس، وقد ساهم مارادونا في ثلاث تمريرات جاءت منها أهداف منتخب بلاده في مرمى المنتخب الآسيوي.

ثم افتتح مارادونا رصيده من الأهداف بهدف جميل في مرمى إيطاليا وقد خرج المنتخبان متعادلين 1-1.

وفرض مارادونا نفسه أيضا في المباراة ضد بلغاريا (2-0) ومرر كرة حاسمة إلى زميله خورخي بوروتشاغا.

وساهم أيضا في الفوز على الأوروغواي 1-0 في الدور الثاني لكنه أدخر أفضل ما لديه للأدوار التالية.

وكانت المباراة ضد إنجلترا مشهودة لأنها اتخذت طابعا سياسيا من جراء حرب المالوين بين الدولتين وقد سبقتها حرب كلامية بين المعسكرين، لكن مارادونا حسم المباراة على الملعب لمصلحة منتخب بلاده بتسجيله هدفين، واحد بيده والثاني بعد مراوغته لجل لاعبي منتخب إنجلترا.

وتقابلت الأرجنتين مع بلجيكا في نصف النهائي وقد وقف دفاع الأخيرة عاجزا عن إيقاف العبقري الأرجنتيني الذي سجل هدفين في منتهى الروعة من مجهودين فرديين فاتحا الطريق أمام منتخب بلاده لخوض المباراة النهائية.

وفرضت رقابة لصيقة على مارادونا في النهائي وتقدم منتخب بلاده 2-0، ثم أدركت ألمانيا الغربية التعادل 2-2 قبل النهاية بنحو 13 دقيقة، ولأن مارادونا كان له اليد في معظم أهداف منتخب بلاده فإنه مرر كرة أمامية إلى بوروتشاغا الذي انفرد بالحارس الألماني وسجل هدف الفوز 3-2.

وفي مونديال إيطاليا 90، ذرف مارادونا دمعة شهيرة بعد خسارة النهائي أمام ألمانيا الغربية. آنذاك قاد منتخب بلاده تقريبا بمفرده، قبل أن يسقط فريقه بركلة جزاء متأخرة لاندرياس بريمه.

ودع مارادونا المونديال من الباب الضيق بسبب حادثة المخدرات التي كان بطلها في مونديال الولايات المتحدة 94.

تعملق في المباراة الأولى ضد اليونان وقاد الأرجنتين إلى فوز كبير (4-0) وسجل هدفا رائعا وخاض الدقائق التسعين بأكملها.

حافظ على مستواه في المباراة الثانية ضد نيجيريا، لكنها كانت الأخيرة له بعد ثبوت تناوله منشطات من خمس مواد ممنوعة، فسحبه الاتحاد الأرجنتيني من صفوف المنتخب قبل أن يوقفه الاتحاد الدولي 15 شهرا.

مارادونا مع الأندية

على صعيد الأندية، انتقل إلى نادي القلب بوكا جونيورز في 1981 محرزا معه لقبه المحلي الوحيد، ثم رحل بصفقة قياسية إلى برشلونة في 1982، ومعه اكتفى بلقب الكأس المحلية في 1983.

غاب لفترة طويلة بعد اعتداء لاعب أتلتيك بلباو اندوني غويكوتشيا عليه وكسر كاحله، ما مهد لانتقاله إلى الدوري الإيطالي.

وكان العلامة الفارقة في تاريخ نادي نابولي الجنوبي (1984-1991)، حيث عرف معه مجدا محليا وقاده إلى إحراز لقب الدوري في 1987 و1990، والتتويج بلقب كأس الاتحاد الأوروبي 1989.

بعد نابولي، انتقل إلى إشبيلية الإسباني لموسم وبعده نيولز اولد بويز المحلي ثم ختم مسيرته في بوكا جونيورز عام 1997.

وعاش مارادونا حياة صاخبة خارج الملاعب، أكد مرارا أن أصعب منافسة خاضها منذ احترافه هي التوقف عن المخدرات علما بأنه أنفق الكثير من المال للتخلص من هذه الآفة. سافر إلى جنيف وتورونتو وإسبانيا وكوريا الجنوبية ليجد الدواء الشافي في مصحاتها، قبل أن يتعرض لنكسات طبية متلاحقة في السنوات الأخيرة.

مدرب متواضع

في العقدين الأخيرين، تحول إلى التدريب، لكن مشواره لم يكن ناجحا، مع منتخب الأرجنتين (2008-2010) أو في الإمارات العربية المتحدة والمكسيك.

بعد مشكلاته مع المخدرات خضع لإعادة تأهيل، وبعد تركه الكوكايين، وقع في فخ الكحول، السيغار، والبدانة لينتهي الأمر به في المستشفى عام 2007.

كان مدافعا شرسا عن الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، وظهر وشم الأخير بشكل واضح على كتفه، كما كان من أنصار الزعيم الفنزويلي هوغو تشافيس.

تزوج صديقته كلاوديا فيلافان عام 1984 ولهما ابنتان: دالما وجانينيا، قبل طلاقهما عام 2004.

ولديه ولد اسمه دييغو جونيور ولد في نابولي عام 1986، وقد اعترف بأبوته فقط في 2004.

المصدر: وكالات