كتاب سبر

وهف شمروخ المطيري.. سيرة عطرة

في مثل تاريخ هذا اليوم من العام الماضي في يوم الأربعاء الموافق 2021/2/10 رحل والدي رحمة الله عليه متأثراً من مضاعافات كوفيد19 رغم أنه لايعاني من أي مرض قبل فايروس كورونا رحل الرجل الطيب الرحيم التقي النقي السخي الصادق عطوف القلب المبتسم دوماً مع الكببير والصغير رحل الرجل الذي يحبه الجميع من قريب وبعيد رحل الرجل الذي دائماً يسابق المصلين على الوقوف فى الصفوف الأولى في بيوت الله ونحن لانزكي على الله أحداً ولكن نحن شهداء الله فى الأرض.

ولِد والدي رحمه الله في ( 1937/10/14 ) وعاش يتيم الأم بعد أن توفت والدته سنة 1944وهو طفل وعمره لم يتجاوز 7 سنوات ودفنت والدته فى مقبرة قرية الجهراء وعاش مع والده وأخوته وعندما أكمل 17 سنه توفى والده أيضاً جدي شمروخ رحمة الله عليهم جميعاً سنة 1954ودفن والده في مقبرة الصالحية في مدينة الكويت حيث شق طريقه فى الحياه معتمداً على نفسه وهو في مقتبل العمر رغم وفاة والده ووالدته حيث إلتحق فى العمل بوزارة الداخليه حتى تقاعد منها سنة 1981 و عاصر في حياته عراقة كويت الماضي وأصالة كويت الحاضر.

وكان رحمه الله يحدثني دائماً عن الحياة في كويت الماضي وعن ما كان فيها من ترابط وتكاتف بين الناس رغم شقف العيش حيث نظافة القلوب وبساطتها فلا كان هناك عنصرية أو طائفية أو قبلية كما هو حاصل في زمننا هذا حيث كانت الأمانه بين الناس هي السائدة ومساعدة القوي للضعيف على مصاعب الحياة والعيش فيها هي القاعدة.

كان هواية والدي المفضله تربية الصقور (الصقارة ) وكان يعشقها وقد حمل أول طير على يده وهو في سن 13 عاماً اشتراه له والده وكان والدي يقول أن المقانيص بالكويت فى الزمن الماضي جميلة وممتعة حيث يزينها خوة الرجال النشاما فى المقناص ويزيدها جمالاً كثرة الصيد وجمال الأرض وخضرتها وقد اختفى هذا كله تدريجياً بسبب قلة الأمطار وكثرة السيارات حتى أصبحت الأرض جرداء وقل الصيد وأصبح المقناص بلا لون ولا طعم

ومن الدول التي قنص فيها الوالد رحمه الله غير مقانيصه فى الكويت سبق وأن قنص في العراق والسعوديه والإمارات وقنص في باكستان والجزائر وقنص في المغرب أيضاً وكان يفضل دائماً ويحب من الطيور الطير الأبيض الحر ويعامل الطير معاملة خاصة وكأنه أحد أبنائه وأتذكر حادثة له كان في رحلة مقناص فى السعودية وفقد طيراً له اسمه وضاح، طير أوصافه كلها جميلة ويجّمل كل من يقنص به حيث حزن الوالد حزناً شديدا على فقده لهذا الطير لدرجة أنه جلس عدة أيام في مكان فقده فى البر له لعله يجده ، ورغم كبر سن والدي لم ينسيه هذا الكبر حبه للطيور ومع بداية وانطلاقة مهرجان الموروث الشعبي في البلاد تم اختيار والدى من قبل الديوان الأميري ليصبح أحد أفراد لجنة التحكيم في مسابقة مزاين الطيور السنوية وبقى مستمراً في هذه اللجنه حتى توفاه الله

نعم رحل والدي روحاً وجسداً لكن بقت سيرته العطرة بيننا فكيف ننساه وله في كل مكان أثر وقصة تجدها فى البيت أو في مكان جلسته الذي يفضله في ديوانه ، أو عند رؤيتنا لجيرانه أو أصدقائه الذين مازالوا على قيد الحياة أطال الله في أعمارهم وأعماركم.

إننا نراه في كل مكان وخياله لا يفارقنا أبداً وكأنه مازال بيننا ينير لنا دروبنا التي نمشيها حيث ترك له إرث كبير من الذكر الطيب والسمعة الحسنة

أنا أعلم أنني لو كتبت كل ما أعرف عن أبي من خصاله الحميدة وقصصه الجميلة التي قصصها علينا وهو على قيد الحياة لن تكفيني عدة مجلدات لكي أوفيه حقه حيث كان رحمه الله مرجعا لنا جميعاً في كل شئ وقد كان يحفظ من الشعر الكثير ويعرف فى القبائل والأنساب بسبب كثرة علاقاته الإجتماعية في كل مكان لذلك فى الختام لا يسعنا إلا أن ندعو من الله سبحانه وتعالى أن يرحمه ويرحم أموات المسلمين جميعاً ويوفقنا الله فى الثبات على طاعته ومرضاته أمام مغريات الدنيا وشرورها أعاذنا الله وأعاذكم منها ووحد الله قلوب هذا الشعب الطيب على قلب واحد وكلمة سواء في وجه كل من أراد بنا شراً وسوءا وندعو من الله أن يجمعنا جميعاً في جنات الخلد في من فقدنا وفي من نحب.

خالد وهف المطيري