أقلامهم

محمد الجاسم: قديمة مهجورة..تصادم

صراع أفكار


محمد عبدالقادر الجاسم



إذا ابتعدنا عن تفاصيل الخلاف والصراع والجدل السياسي الدائر في البلاد، وإذا تجاوزنا المناسبات التي يظهر فيها الصراع السياسي وأشخاص هذا الصراع، فإننا سنجد أن الكويت واحدة من الدول العربية التي ما تزال تدار وفق أفكار قديمة مهجورة. فحين أدقق في خطاب السلطة، أيا كانت مناسبته وآليته، أجد أنه ينطلق من فكرة «السلطة الوصية»، أي السلطة التي تمارس دورها في قيادة الدولة وفق نظرية أن الشعب لا يدرك مصالحه ولا يعرف كيف يحققها وأن سعادة المجتمع تكمن بين يدي السلطة التي لولاها لتفتت المجتمع وتبعثر حاضره وضاع مستقبله. إنها فكرة فيها الكثير من الغرور والكثير من الثقة بالذات يصاحبها نظرة فوقية للمجتمع تراه غير قادر على إدراك مصلحته.


وفي واحدة من القضايا ذات الطبيعة السياسية التي نظرتها المحاكم، كتبت في مذكرة الدفاع: «كما يؤمن المتهم الأول أن الفرد في المجتمع هو الأصل وأن السلطة، بكل عناصرها، إنما هي خادم للفرد وللجماعة، ومن هنا فإن حقوق الفرد التي يعلنها دستور الدولة، ومنها حقه في التعبير عن رأيه، إنما هي حقوق أصيلة متلازمة مع صفته الإنسانية ترتد إلى حياة الإنسان الأولى وتسبق قيام الدولة، وهي بالتالي ليست منحة يمنحها حاكم متى شاء ويستعيدها حاكم آخر متى شاء. كما أن ضوابطها أو قيودها، إنما تأتي استثناء على الأصل وفي أضيق الحدود وبالقدر اللازم لضمان مصلحة الجماعة، لا حماية لحاكم أو مسؤول، ولا تغليباً للسلطة على الجماعة أو الفرد. ومن هنا فإنه لا يمكن لصاحب سلطة، حاكم أو مشرع أو قاض، أن ينتصر للسلطة على حساب الجماعة وحقوق الأفراد الأصيلة بأن يقلب الأصل فيجعله استثناءً، ويفسر النص فيجعله قيداً..».


وبالطبع فإن المساحة التي تفصل بين «فكر السلطة» والفكر الحديث في موضوعات «الدولة والسلطة والحكومة» مساحة كبيرة جداـ لذلك لابد أن يشهد الواقع حالات تصادم بين الأفكار المتناقضة المتعارضة الموجودة على أرض الواقع والتي يؤمن بها كل طرف من أطراف الحالة السياسية القائمة بصرف النظر عن التفاصيل والمناسبة.