أقلامهم

أحمد المليفي: المشكلة اننا شعوب لا تقرأ واذا قرأت لاتستوعب

القاتل الاقتصادي 



أحمد المليفي
 
 
اعترافات خطيرة أطلقها «جون بركنز» مؤلف كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» بوصفه احد هؤلاء القتلة الاقتصاديين الذين استخدمتهم وكالة الاستخبارات الأميركية اما لاسقاط الانظمة او للسيطرة على قراريها السياسي والاقتصادي.
وتقوم فكرة القتل الاقتصادي على استبدال التدخل العسكري في اي دولة تراها أميركا او الشركات الكبرى انها دولة مارقة او رئيس دولة يهدد مصالحها التجارية والحيوية باستخدام ادوات المال لاسقاطه او استبعاده.
 
وكما يبين بركنز في اعترافاته ان هذا الاسلوب بدأ في الخمسينيات لاسقاط مصدق في ايران عندما بدأ يتكلم عن حق الشعب الايراني في الاستفادة من ثروات بلاده وان على الشركات النفطية ان تدفع للشعب الايراني اكثر مما تدفعه في السابق حتى يستطيع الشعب التنعم بخيرات بلاده. فتم ارسال عميل الاستخبارات – كيرمت روزفلت وهو يحمل بعض الملايين من الدولارات كانت فعالة تمكن من خلالها اسقاط مصدق وحل محله شاه ايران.


وبنجاح هذه الطريقة بدأ التفكير في التوسع بها مع الاخذ بالاعتبار المخاطر التي كانت تحيق بعملية ايران حيث ان كيرمت كان هناك بصفته احد اعضائها ولو تم القبض عليه لحدثت ازمة على المستوى الرسمي، لذلك جاء التفكير بتطوير هذه العملية فبدل ان تنطلق من وكالة الاستخبارات مباشرة تم تأسيس شركات للقيام بهذه المهمة ومن خلال عملاء تحت غطاء خبراء اقتصاديين يعرضون الرشوة على القيادات في الدول مركز الهدف وما ان يستجيبوا لذلك فيتم اغراق البلد اقتصاديا بمشاريع كبيرة لا يستفيد منها الا القلة القليلة من المتنفذين دون الشعب وتستنزف موارد الدولة وتدخلها في الدين ويتدخل البنك الدولي للتمويل في عملية تبييض الاموال المقدمة من هذه الشركات واعادة اخذ هذه الاموال من جديد من هذه الدولة مع اغراقها بالديون وفوائدها وعندما تعجز عن الدفع يتم السيطرة على قرارها.


وقد سرد بيركنز العديد من امثلة هذا التدخل مثل غواتيمالا وفنزويلا وبنما وكلها ادت الى اغتيال الرؤساء او تنحيتهم عندما لم يستجيبوا للرشوة او يتنازلوا عن افكارهم الاصلاحية.


ولو نظرنا الى الساحة العربية سنجد علامات استفهام كبيرة على وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والغزو العراقي للكويت وان هذه سيناريوهات لم تحدث بالصدفة بل ان هناك مخططاً واضحاً لهذه المنطقة الغنية بالمصادر الرئيسية التي يسيل لها لعاب الشركات الكبيرة اقتصاديا وتحرك سياسيا العالم بالسيطرة على موارده.
ولكن المشكلة اننا شعوب لا تقرأ واذا قرأت فانها لا تستوعب بعقولها بل تندفع بعواطفها فتحقق بصورة غير مباشرة اهداف خصومها واعدائها. ويبقى السؤال. الى متى؟