حوارات

الروائي طالب الرفاعي لـسبر: القراءة سفينتك لفضاء الكتابة

  •  بدأت القراءة في المتوسطة بداية السبعينات..كنت أقرأ بنهم لساعات وساعات 
  •  من بين الرواية والقصة القصيرة والشعر وُلِدت “إن شاء الله سليمة” أولى كتاباتي 
  • أكتب عن مواجهة الإنسان على أرض الكويت لإشكاليات اللحظة الراهنة  
  • أحاول أن أكون صوتاً لمن لا صوت لهم
  • هناك فصول من رواياتي تُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية
  • لا عزوف من الشباب عن الكتابة.. الساحة في الكويت تكشف كل يوم عن إصدار جديد
  • الكاتب العربي بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة غير متفرغ
  • كثير من الروايات شاهد حي على أحداث زمانها وستبقى
  • الإبداع الإنساني له عمر أطول وأبقى من عمر كاتبه!
  • هناك محدودية إن لم نقل انعدام للورش الفنية لتدريب الشاب.. موجودة في الغرب منذ مصف قرن
  •  أسست الملتقى الثقافي ليكون صوتاً للإبداع الكويتي الشاب

“لا شيء يعين الكاتب على خوض ميدان الكتابة سوى القراءة”.. نصيحة ثمينة وجهها  الكاتب والروائي طالب الرفاعي لمن يريد خوض غمار الكتابة وتحويل ما بداخله من أفكار الى ابداعات يستفيد منها القراء ، ولا غرو فالروائي الرفاعي أخبر سبر في حوار ثقافي رشيق بانه اقتحم عالم  الكتابة آتيا من عالم القراءة “فلقد بدأت القراءة في مرحلة الدراسة المتوسطة في بداية السبعينات، وكنت أقرأ بنهم لساعات وساعات”.

يحكي الرفاعي عن اول ابداعاته ويقول ” من بين الرواية والقصة القصيرة والشعر ولِدت أولى كتاباتي، وكانت قصة قصيرة بعنوان “إن شاء الله سليمة” نُشرت في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 17/1/1978″.

أما المعنيون بكتاباته أو من يهتم هو بالكتابة لهم ، فيوضح ”  أكتب عن مواجهة الإنسان على أرض الكويت لإشكاليات اللحظة الإنسانية الراهنة، وأحاول ما أمكنني أن أكون صوتاً لمن لا صوت لهم “.

الروائي الرفاعي الذي ترجمت  فصول من رواياته إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية ، لا يساير من يحط من قدر الشباب الكويتي فيقول”  لا أرى عزوفاً من قبل الشباب عن الكتابة والنشر، بل ساحة الكتابة في الكويت تكشف كل يوم عن إصدار جديد، ولو أن بعض هذه الإصدارات بمستويات متدنية”. 

وعن اهمية الرواية من بين صنوف الابداع ، يشرح: ” الروايات باتت شاهداً حياً على أحداث زمانها وستبقى. وربما فسّر بقاؤها أهمية الإبداع الإنساني في أن له عمراً أطول وأبقى من عمر كاتبه!”.
ومن بين عوامل قلة الابداع يرى الرفاعي ان هناك  ” محدودية إن لم نقل انعدام الورش الفنية المتخصصة، والتي تقدم عوناً ضرورياً للكاتب الشاب، علماً بأن الورش الفنية، وورش الكتابة الإبداعية تحديداً أصبحت ومنذ ما يزيد على النصف قرن، سمة حاضرة في المجتمعات الغربية”. 
نـــسـألــــه

*دخلت إلى عالم الكتابة المشحون بالأرق والحلم معاً على حد قولك، حدثنا عن بداية انطلاق ابداعك في هذا العالم؟

جئت للكتابة من عالم القراءة، فلقد بدأت القراءة في مرحلة الدراسة المتوسطة في بداية السبعينات، وكنت أقرأ بنهم لساعات وساعات. فالقراءة فتحت لي عوالم ملونة وشاسعة لم أكن أدرك وجودها من حولي.

بدأت قراءاتي في الرواية الروسية، ومنها رحلت إلى الانجليزية والفرنسية والأوروبية وصولاً إلى الرواية الأمريكية، وعوداً للرواية العربية. قراءة الرواية كانت متزامنة مع قراءة القصة القصيرة والشعر، ومن بين الرواية والقصة القصيرة والشعر ولِدت أولى كتاباتي، وكانت قصة قصيرة بعنوان “إن شاء الله سليمة” نُشرت في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 17/1/1978.

* جندت نفسك للكتابة عن الواقع الكويتي، فما السر في ذلك؟

حين بدأت الكتابة كان إلى جانبي وأقرب المقربين إليَّ الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، والكاتبة ليلى العثمان، ولأن الروائي إسماعيل الفهد حمل في كتاباته نَفَساً عربياً، بينما غاصت الأديبة ليلى العثمان في كويت ما قبل النفط، اخترت لنفسي خطاً وهو الكتابة عن الواقع الكويتي الراهن، مكاناً وبيئةً اجتماعية وزماناً متغيراً وبشراً يعيش على أرضها من أهلها وممن وفد إليها.

فأنا أكتب عن مواجهة الإنسان على أرض الكويت لإشكاليات اللحظة الإنسانية الراهنة، وأحاول ما أمكنني أن أكون صوتاً لمن لا صوت لهم.

* ألا ترى ان هناك شحا في الروايات التي تحاكي حالة المواطن البسيط؟

الكتابة في جوهرها موقف من الحياة، ومن واقع قراءتي للكتابات الكويتية في القصة والرواية، منذ بدء الكتابة القصصية في الكويت عام 1929، والروائية في عام 1948، كان الإنسان البسيط هو محور هذه الكتابات، وأنا حين أقول الإنسان البسيط، فأنا أعني عموم الناس في الكويت، سواء كانوا من الكويتيين أو الوافدين، وأعني هموم الحياة اليومية الدائرة، التي يشكل تراكمها عمر الإنسان.

وإذا كان جزءاً من السؤال يدور حول كتاباتي، فانا لا أكتب إلا عن المواطن المطحون بمواجهة صعوبات الحياة، فكرياً واجتماعياً واقتصادياً. كما أنني خصصت جزءاً كبيراً من كتاباتي لرصد وتوثيق معاناة الوافدين، لأنهم يشكّلون حضوراً إنسانياً فاعلاً في المجتمع، ولأنهم يعيشون معنا في القارب نفسه.

* لماذا لم يترجم الأدب الكويتي إلى اللغات الأجنبية؟

الترجمة إلى لغة أجنبية تخضع لحسابات كثيرة، وعلى رأسها علاقة الكاتب بالمترجم، وعلاقة المترجم بالناشر الغربي، وتالياً قناعة الناشر الغربي بما يصلح لسوق النشر في بلده. لذا فإن الأعمال العربية التي تُترجم للغرب يجب أن تمر عبر المعاير التي وضعها الناشر الغربي وتحوز رضاه، وتدغدغ مزاج القارئ في بلده.

النشر تجارة في كل مكان، ولا يرضى تاجر لنفسه الخسارة، ومع هذه فهناك أعمال كويتية مترجمة، وتحديداً في القصة القصيرة، كبعض من قصص الأستاذة ليلى العثمان، وثريا البقصمي، وطالب الرفاعي. كما أن هناك فصولاً من رواياتي تُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

* كتابة الرواية قلق مضاعف، قلق تمثل الشخصيات، وقلق السعي الى التعبير عن مجتمعها من خلال الكتابة والشكل واللغة والرمز وغيرها، فماذا تقول بذلك؟

بعد قرابة ثلاثة عقود ونصف من القراءة والكتابة والنشر، تبدو لي الكتابة مهنة شاقة مقترنة بقدرية، فحين يكون الإنسان كاتباً، فهذا معناه معايشة الوحدة. فالكاتب يعيش وحدة أثناء قراءاته، ووحدة أثناء كتاباته، وإذا ما ارتهن الإنسان للكتابة كهمّ حياتي، فإنه يرتهن إلى الوحدة، ويرتهن إلى التأمل ويرتهن إلى الهمّ والوجع الإنساني حيثما كانا.

فإذا ما أخذنا في الحسبان الوظيفة الاجتماعية للفن، وأن الكاتب صوت وضمير أمته، أصبحت الكتابة مهنة شاقة جداً، خصوصاً وضرورة تجديد الكاتب لثوب إبداعه، وضرورة أن يكون كل عمل جديد هو إضافة جديدة لرصيد الكاتب.

* ان الاشكال الذي يواجه كاتب الرواية مسألة الوقت، والحاجة إلى  التفرغ، فهل ذلك سبب في عزوف الكثير من الشباب عن كتابة الروايات؟

كتابة الرواية هي بشكل ما كتابة لحياة فنية تجاور حياة الواقع، وهذا يتطلب وعياً بالحياة، وعياً يفوق النظر الظاهري لأمورها، وعياً يتطلب الغوص في ثنايا مواجعها، وتسليط الضوء على البؤر المظلمة فيها.

فإذا ما أضيف لهذا ضرورة أن تتحلى الكتابة الروائية بأصول الفن الروائي وأن تكون مبدعة ومتجددة تخاطب القارئ أينما كان، أصبحت والحال هذه مهمة صعبة، وربما صعبة جداً. علماً بأنني لا أرى عزوفاً من قبل الشباب عن الكتابة والنشر، بل ساحة الكتابة في الكويت تكشف كل يوم عن إصدار جديد، ولو أن بعض هذه الإصدارات بمستويات متدنية. أما فيما يخص التفرغ، فهو بعيد عن الكاتب العربي، بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة التي يعيشها، ولا أكاد أبالغ إذا قلت أن كل الكتّاب العرب غير متفرغين.

* هناك من قال “ان الرواية لا تنتج خطابا أخلاقيا ولا تتجه نحو كتابة الأدب الرفيع ولا توجيه رسالة دينية أو سياسية، فرسالتها تكمن في شهادتها على المجتمع الذي تصوره”، فما تعليقك على ذلك؟

من حيث المبدأ، يُفترض أن تكون الكتابة الإبداعية بعيدة عن التوجيه المقيت، وانطلاقاً من ذلك تكون بعيدة عن انتاج خطاب أخلاقي مباشر، ومؤكد أن الرواية شهادة توثّق لحالات المجتمع في مختلف فتراته، وهي شهادة تتخذ من حياة الإنسان مجالاً لها، وتتخذ من البيئة المحلية مكاناً لحوادثها، ومن الفترة الزمنية خيطاً يلضم أحداثها. وكثير من الروايات باتت شاهداً حياً على أحداث زمانها وستبقى. وربما فسّر بقاؤها أهمية الإبداع الإنساني في أن له عمراً أطول وأبقى من عمر كاتبه!

* ماذا تقدم من نصائح لجيل الشباب الذين سلكوا طريق كتابة الروايات والقصص القصيرة؟ وهل أعدادهم قليلة أم كثيرة؟

النصيحة الأساسية لأي كاتب هي القراءة، فلا شيء يعين الكاتب على خوض ميدان الكتابة سوى القراءة، والنصيحة الثانية، هي التأني في النشر، فالكاتب يمتلك الكلمة متى ما كانت في حوزته، وحين تصبح في حوزة القارئ فإنها تملكه. ومؤكد أن أعداد الكتّاب الشباب في الكويت ليس بالقليل، ولكننا نطمع دائماً في إن تأتي إليه أصوات جديدة مبدعة ومغايرة ولافتة.

* هل ترى ان هناك قصوراً في الكويت من قبل فئة الشباب في تعلم الكتابة الإبداعية، وهل السبب هو محدودية الورش التعليمية؟

ليس هناك من عزوف بين فئة الشباب عن الكتابة، وأنا أتفق معك في محدودية إن لم نقل انعدام الورش الفنية المتخصصة، والتي تقدم عوناً ضرورياً للكاتب الشاب، علماً بأن الورش الفنية، وورش الكتابة الإبداعية تحديداً أصبحت ومنذ ما يزيد على النصف قرن، سمة حاضرة في المجتمعات الغربية.

* أنشأت في العام الماضي (الملتقى الثقافي)، كصالون أدبي يعقد جلساته في منزلك الخاص، فما هي الأهداف التي أنشئ الملتقى من أجلها؟

الملتقى الثقافي، تأسس ليكون مكاناً للقاء الشباب الكويتي المبدع، وبحضور مجموعة من القامات المبدعة في الكويت، كالروائي إسماعيل فهد إسماعيل، والكاتبة ليلى العثمان، والدكتورة الناقدة نجمة إدريس، والمسرحي سليمان البسام، والسينمائي وليد العوضي، والدكتور ساجد العبدلي والكاتبة باسمة العنزي، والكاتبة هدى الشوا، وغيرهم من الكتّاب الشباب.

ويعقد الملتقى جلساته بمعدل مرتين في الشهر، ليناقش قضية ثقافية، أو يستضيف شخصية مبدعة أو مثقفة، من داخل أو خارج الكويت، في محاولة لربط جيل الشباب بالخبرات التي سبقتهم. ويطمح الملتقى الثقافي إلى أن يكون رافداً من روافد الثقافة والإبداع في الكويت.