أقلامهم

عبدالمحسن جمعة: ترحيل بقية السُّنة… صورة جماعية..!

بعد أيام يبدأ، برعاية الأمم المتحدة، تهجير المتبقين من سكان مدينة داريا، البالغ عددهم 255 ألف نسمة، بعد أن أسقط عليهم نظام بشار الأسد 9 آلاف برميل متفجر خلال خمس سنوات، ولم تكف ميليشيات حزب الله وأعوانها من الميليشيات العراقية والإيرانية عن مهاجمة المدينة ومحاصرتها وتجويع أهلها، وهي مدينة أخرى في محيط دمشق يتم تطهيرها طائفياً من سكانها السُّنة.

وبعد أن تم ترحيل مليون سني من مدينة حمص وآخرين من الزبداني ومدن سورية أخرى، ها هي حافلات الأمم المتحدة تصل إلى داريا تشارك في خطة “التوازن الطائفي”، الجريمة الإنسانية التي رسمتها إيران، بعد أن طبقت نسخة عنها في العراق، وباركتها إسرائيل وتبنتها روسيا، وصادقت عليها الولايات المتحدة الأميركية، وتنفذ على أرض سورية بأقذر الأيادي من المرتزقة والطائفيين و”السُنة المخابيل” الذين يريدون عودة دولة الخلافة أو الحكم الشرعي.

الأمم المتحدة بدلاً من تطبيق ما يسمى بالمواثيق الدولية بمعاقبة من يحاصر ويجوع ويلقي البراميل المتفجرة على السكان والأسلحة الكيماوية ويجوعهم، عوضاً عن ذلك تنتظر حتى “يستوون”، عند ذلك تُحضر لهم الحافلات الخضراء لتهجيرهم!

أما العالم العربي فهو جسد خامد في غرفة العناية المركزة، تصيبه “الغرغرينا” بين حين وآخر، فيتم بتر طرف من أطرافه، ومرضه المستعصي هو الأنظمة التي باعت كل شيء من أجل بقائها وعزلت شعوبها عن القرار، وأصبحت الأنظمة ضعيفة لا يحسب لها العالم أي حساب، ولا يرد عليها لأنها لا تستمد شرعية بقائها من شعوبها ولا يمثل قرارها إرادتها.

الجميع أخذوا مصالحهم بأذرعهم في الشام إلا العرب، الإيرانيون أخذوا ما يريدونه في سورية، كما فعلوا من قبل في العراق، وإسرائيل أخذت مبتغاها بخلق الكانتونات الطائفية، وإبعاد العرب السُنة عن حدودها، وهم الخطر الحقيقي الذي تخشاه تل أبيب، والأتراك سيبعدون الأكراد إلى شرق الفرات لإضعاف حلم الدولة الكردية، بينما العرب يهذرون بمطالب دون استجابة لهم، والسوريون السُنة ينفذون المخطط بترك أرضهم والفرار إلى تركيا وأوروبا، في إعادة لما حدث للفلسطينيين سابقاً.

الواقع أن من هجر سنة سورية حقيقة هم السُنة أنفسهم الذين ألغوا زي الجيش السوري الحر، واستبدلوه باللحى والزي الأفغاني، وأطلقوا التسميات الإسلامية على فصائل الثورة، فحققوا أسمى أماني نظام الأسد وطهران وتل أبيب وموسكو، والمصيبة أن المخطط نفسه حدث في العراق قبل سنوات، فطهران مررت قيادات “القاعدة” إلى العراق، وأتى أبومصعب الزرقاوي ليشرعن ضرب السُنة وتهجيرهم بحجة الإرهاب السلفي، وتكرر السيناريو نفسه في سورية، ولكن بشكل أفظع وأكبر.

أهل العالم السني، وخاصة في المشرق العربي، ينظرون إلى المشهد ويتساءلون: الدور على من بعد سُنة العراق وسورية؟ وكل طرف يعتقد أنه محصن وقوي، وهو سوء تقدير فظيع، لأن المشاريع الدولية تكون شاملة ولا تستثني جزءاً من مشروع يشمل إقليماً، فخذوا صورة جماعية يا عرب… لأنكم كلكم في الصورة الكبيرة للواقع الجديد الذي رُسم للمنطقة!