أقلامهم

عبدالعزيز الفضلي: ضبٌ في زمن الموضة!

من الملفت للنظر، الهوس الكبير عند بعض النساء والرجال لمتابعة آخر صيحات الموضة، في اللباس أو تسريحة الشعر، أو الوشم على الجسم وغيرها.

حتى وصلت الرغبة الجامحة في التقليد واتباع الموضة، إلى ارتداء البنطال الممزق من جهات عدة، وكأنه – صاحب البنطال أو صاحبته – خرج للتو من بين أنقاض مبنى مدمر، أو تعرض لهجوم حيوان متوحش!

من طبيعة الإنسان أنه يحب التجديد والتغيير، لكسر الملل أو للفت الانتباه، ولسنا ضد ذلك، لكن لا بد أن يكون في متابعة الموضة شيء من التعقل والتأمل.

فمن الناس من يتجه إلى بعض أنواع الموضة في اللباس وتسريحات الشعر مما يجعله مثار ضحك وسخرية لدى الآخرين، ومنهم من يقوم بالتقليد ومحاكاة الموضة، حتى ولو كان في ذلك بعض المخالفات الشرعية كالوشم والقزع «حلق بعض الشعر وترك بعضه»… ومن النساء – تحت شعار مواكبة الموضة – ترتدي من الثياب ما يكشف من جسدها ما وجب عليها ستره حتى بين بنات جنسها.

ومن عجيب المحاكاة والتقليد عند بعض الشباب، قيامه بحركة «التثليث» المعروفة عند النصارى بعد إحرازه لهدف في المباريات!

ولقد وصلت آفة الموضة حتى لمن ترتدي العباءة بقصد الستر، فانتقلت العباءة من كونها ستر للمرأة إلى أحد مظاهر الزينة والتبرج ولفت الانتباه.

يشير علماء السلوك إلى أن المرأة تهتم بمتابعة آخر صرخات الموضة أكثر من الرجل لسببين: أولهما أنها تحب أن تسترعي النظر وتجذب الانتباه وتثير الإعجاب، والثاني خوفها من أن تُتّهم بالتخلف عن مسايرة الركب.

نجد الرغبة الجامحة عند البعض في شراء أحدث الهواتف النقالة مع أول عرض له في السوق – وربما وقف في الطابور لساعات – ليس لوجود عيوب في هاتفه القديم، وليس لأن الهاتف الجديد يعطيه ميزات متطورة عما سبق، وإنما مواكبة للموضة أو ليشار له بالبنان أو حرصا على ألا يتهم بأنه ما زال متمسكا بهاتفه القديم لبخله أو شُحّه.

لقد استطاع الإعلام – بسحره – التأثير على طباع الناس وسلوكياتهم، وهو ما أشار إليه الشيخ سلمان العودة في كتابه «زنزانة» حيث يقول «استحواذ الغرب على الصناعة والإعلام جعل السوق العربية والإسلامية منطقة استقبال للفنون والأشكال والأزياء والتسريحات وأنماط العلاقة والصيغ اللفظية واللغوية التي نستخدمها لنعبر عن المواكبة».

إن النبي عليه الصلاة والسلام، حذّرنا من أن نلهث وراء تقليد الآخرين، ودعا المسلم إلى أن تكون له شخصيته التي يعتز بها، فلا يتأثر ويجري خلف التقليد في الخير والشر، وإنما يقتدي بالناس عند الخير ويجتنب عند الشر والفساد. كما بيّن عليه الصلاة والسلام أن من أبناء هذه الأمة من سيتشبه بغير المسلمين، ويحرص على تقليدهم حتى لو وصل الأمر إلى أنهم لو دخلوا «جحر ضب» لكان في المسلمين من يفعل ذلك!