فن وثقافة

بورتريه | “مزاجنجي” السينما العربية و”ساحرها” يغيب

“احنا بالصلاة عالنبي حلوين قوي مع بعض”، كلمات جاءت على لسان الفنان الكبير محمود عبد العزيز في فيلمه الشهير “الكيف”، عبَّرت عن حالته مع جمهور السينما المصرية والعربية، الذي حظي بشعبية جارفة حفرها بإبداع طويل على مدار أكثر من 40 عاماً من العمل في السينما المصرية والعربية، قبل أن يرحل عن العالم مساء اليوم السبت الموافق 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، عن عمر يناهز الـ70 عاماً.

ورحل نجم السينما المصرية والعربية بعد رحلة طويلة مع المرض، تنقل خلالها بين مستشفيات القاهرة وباريس، قبل أن يستقر داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى الصفا بحي المهندسين في وسط القاهرة، ولم يتم تحديد موعد الجنازة أو العزاء حتى الآن.

ووفقاً لما نشرته وسائل الإعلام المصرية عن مرضه، فقد عانى عبد العزيز في أيامه الأخيرة من نقص نسبة الهيموجلوبين في الدم، كما عانى من وجود أنسجة داخل الفم أدت لتورم باللثة، وتمت إزالتها جراحياً، وعانى أيضاً من مشكلات في التنفس خلال أيامه الأخيرة بالمستشفى، كان يمكث بجانبه ابناه محمد وكريم، وزوجته الإعلامية بوسي شلبي.

حياته

وُلد الفنان محمود عبد العزيز في 4 يونيو/حزيران 1946، بحي الورديان غربي مدينة الإسكندرية، وكان ينتمي إلى أسرة متوسطة، تعلم في مدارس الحي إلى أن انتقل إلى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، وهناك بدأ يمارس هواية التمثيل من خلال فريق المسرح بكلية الزراعة.

حصل محمود عبد العزيز على درجة البكالوريوس، ثم درجة الماجستير في تربية النحل، ولكنه قرر أن يكمل حياته في مسيرة الفن، التي بدأها من خلال مسلسل “الدوامة” في بداية السبعينيات، حين أسند له المخرج نور الدمرداش دوراً في المسلسل مع محمود ياسين ونيللي، ثم دخل السينما عن طريق فيلم “الحفيد”، أحد كلاسيكيات السينما المصرية (1974)، وبدأت رحلته مع البطولة منذ عام 1975 عندما قام ببطولة فيلم “حتى آخر العمر”.

وسرعان ما سطع نجم الفنان الشاب خفيف الظل الوسيم في السينما، وقام خلال 6 سنوات ببطولة 25 فيلماً سينمائياً، وخلال تلك الفترة ظل يقدم الأدوار المرتبطة بالشباب والرومانسية والحب والمغامرات.

العار وبداية أفلامه الخالدة

منذ عام 1982 قرر النجم محمود عبد العزيز أن يكون له لون مختلف في أدواره، والخروج عن دور الشاب الرومانسي ومغامرات الحب، وكانت بداية انطلاقته لسلسلة أفلام خالدة في السينما المصرية والعربية، والبداية كانت مع فيلم “العار”، الذي بدأ من خلاله “المزاجنجي” نجوميته، ثم قدم تنوعاً أكثر في أدواره بدور الأب في “العذراء والشعر الأبيض”، ثم قدم فيلم “تزوير في أوراق رسمية”، الذي أجبر كل من شاهده على ألا يمنع سقوط دموعه مع كلمة النهاية.

وأسهم عبد العزيز في التعبير عن الفترة التي احتلت إسرائيل فيها أراضي مصرية عام 1967، من خلال دوره كعميل المخابرات المصرية والجاسوس في فيلم “إعدام ميت”، ثم عبر عن التغيرات التي طرأت على المجتمعات العربية وبالأخص المصرية، وقدم شخصيات جديدة في أفلام “الصعاليك”، و”الكيف” الذي حظي بنجاح جماهيري كبير.

في عام 1987 قدم فيلماً من أهم أفلامه وهو “البريء”، وفي منتصف الثمانينيات تقريباً قدم دوراً من الأدوار المهمة في حياته الفنية، وهو دور رأفت الهجان في المسلسل التلفزيوني الذي يحمل نفس الاسم، وهو من ملف المخابرات المصرية.
84 فيلماً ومسلسلا الهجان والمصري في مسيرة عمل 40 عاماً

بلغ عدد أفلام محمود عبد العزيز نحو 84 فيلماً، قام فيها بدور البطولة، بينما أخرج فيلماً واحداً هو “البنت الحلوة الكدابة”، وقد تنوعت هذه الأفلام ما بين الرومانسية والكوميديا والواقعية.

في عام 2004 قدم محمود عبد العزيز للشاشة الصغيرة المسلسل التلفزيوني “محمود المصري”، الذي جسَّد فيه شخصية أحد كبار رجال الأعمال، الذين بدؤوا رحلتهم مع النجاح من الإسكندرية.

ويعد مسلسل “رأفت الهجان” أحد أهم الأعمال الدرامية التي قدمها الفنان الراحل، الذي خلَّد فيه بطولات رجال الظل من المخابرات الحربية المصرية، وقت الصراع المباشر مع إسرائيل.
المزاجنجي

ويعد لقب “المزاجنجي” أحد أهم الألقاب التي أطلقها محبو عبد العزيز عليه، بعد تقديمه لفيلم “الكيف”، وكان هذا لقبه مع الفيلم، وربما كان تعبيراً حقيقياً عن حالته الفنية، كونه عاش يتعامل مع فنه بـ”المزاج”، ويقدم ما هو قريب إلى قلبه، وكسر أشد القضايا حزناً أو قسوة بـ”إفيهاته” الشهيرة، التي أثرت في أجيال كثيرة وأصبحت جزءا من ثقافته في الحديث.