عربي وعالمي

في الذكرى السادسة لمغادرة مبارك السلطة.. كواليس تُنشر لأول مرة عن بيان التنحى

كشف الإعلامى عبداللطيف المناوى، رئيس قطاع الأخبار الأسبق، كواليس الساعات الأخيرة في حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قبل خطاب التنحي الذي ألقاه نائبه الراحل عمر سليمان في 11 فبراير عام 2011، بعد 18 يوما من الثورة التي اندلعت في 25 يناير.

وأوضح الإعلامى المقرب من نظام مبارك، فى حوار لشبكة “CNN”، أن الأحداث الأكثر سخونة كانت يوم 10 فبراير، اليوم السابق لخطاب التنحي، حيث تلقى اتصالا تليفونيا من أحد المسئولين بالجيش، أبلغه فيه أن هناك بيانا هاما من المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيصل للتليفزيون لإذاعته، وطلب منه عدم إطلاع أحد عليه وتحديدا القصر الرئاسي، غير أنه علم أن الاجتماع الذي خرج عنه البيان كان قبل يومين وعقد دون حضور رئيس الجمهورية الذي هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وقال إنه بعد دقيقتين من إذاعة البيان تلقى اتصالا من وزير الإعلام وقتها، أنس الفقي، ثم اتصالا من رئيس ديوان رئيس الجمهورية، الدكتور زكريا عزمي، حيث سأله “الفقى”: ما هذا الذي أذيع؟ فأجابه بأنه بيان الجيش، فعاد وسأل، من أتى به؟ فرد ببساطة أنه جاء من القوات المسلحة، ثم سأله مجددا: لماذا لم تبلغنا بهذا البيان قبل إذاعته؟ فكانت الإجابة بأن “هذا هو عملي الذي أقوم به وفقا لتقديري بشكل مستمر، ولم أظن أنه كان يجب إبلاغكم بما يحوي البيان”، مؤكدًا أنه يجلس بجانبه الدكتور زكريا عزمي، ثم قال، إذا تلقيت بيانات أخرى من الجيش فاتصل بنا، وأضاف: “دكتور زكريا يؤكد عليك ألا تذيع أي بيانات للجيش قبل إبلاغنا، ثم اتصل بي زكريا عزمي مباشرة ليطلب مني نفس الطلب، فأعدت له نفس الرد، وبدا واضحا على نبرة الدكتور زكريا الغضب من الموقف”.

وأكد أن “مبارك” هو من أقنع نفسه بقرار التنحى، ولم يمارس عليه أحد أى ضغوط، مضيفًا: “ولو عدنا لهذا الزمن نجد إنه اتخذ القرار دون وجود أحد من المساعدين أو المستشارين، وأبلغ قراره لوزير الدفاع وقتها، المشير محمد حسين طنطاوي”.

وقال إنه وصله خبرًا بأن هناك قرارًا بالتنحى الساعة الثانية عشر ظهرا يوم إذاعة البيان، وعلم أن مبارك يجهز نفسه للسفر إلى شرم الشيخ، وكان هناك حديث عن أنه سيلقي خطاب التنحي بنفسه، وانتظر حوالي 4 ساعات بعد تسجيل كلمة التنحي لإذاعتها، مشيرًا إلى أنه لم تكن هناك رغبة من لإلقاء بيان التنحى، ولكنه كان الترتيب لذلك، ووجد أن ذلك سيحتاج لمزيدا من الوقت فاتفق أن يقوم نائبه عمر سليمان بإلقاء الخطاب بدلا منه بعد أن راجع نص الكلمة مع عمر سليمان ووزير الدفاع حسين طنطاوي هاتفيا، وطلب مبارك منهما التأكد من دستورية وقانونية هذا الانتقال للسلطة، فلم يكن يريد التسبب في أي مشكلات لاحقا، واختاروا عمر سليمان لقراءة البيان بدلا من فرد من الجيش، حتى لا يعطوا انطباعا بأن الرئيس تم عزله بانقلاب عسكري.

وعن كيفية وصول بيان التنحى إلى مبنى “ماسبيرو”، قال “المناوى”: “وصلني عن طريق المتحدث باسم الجيش، اللواء إسماعيل عتمان، كان يرتدي معطفا قصيرا، بسرعه فتحه وأخرج من جيبه الداخلي شيئا ما وهو يقول “معي البيان”، وأبلغني أنه سينتظر حتى تصله أوامر بإذاعته، إذ كانوا في انتظار مغادرة جمال وعلاء وأسرتيهما”، لافتًا إلى أنه كان هناك فارق زمني بين تسجيل الكلمة وإذاعتها، حوالي من ساعتين لثلاث ساعات، حتى يتأكد سفر بقية العائلة لشرم الشيخ.

أما عن خطابات مبارك قبل بيان التنحي قال إن الخطاب الأول راجع نصه واطلع عليه عن طريق وزير الإعلام أنس الفقي، أما الخطاب الثاني اقترح جزء من النصوص وأوصلها بطريقة أو بأخرى وكان يشاهده من مكتبه بالتليفزيون أثناء تسجيله، الثالث كان لديه اقتراح تم صياغته ولم يتم الالتفات له.

وأضاف: “كنا قد وصلنا إلى مرحلة أنه القرار الوحيد لنزع فتيل انفجار لم يكن أحد يعلم حدوده. ولكن يبقى السؤال: هل كان هو القرار الصحيح؟ تقديري وأظن وتأكد بعد ذلك أنه لم يكن القرار الصحيح على الإطلاق، بدليل أننا لا نزال حتى الآن ندفع ثمن عدم استغلال الفرصة في استخدام التغير الذي حدث للوصول إلى عملية الانتقال السلمي للسلطة في إطار وجود دولة، ما حدث إننا أطحنا بمؤسسات الدولة، ودخلنا في مرحلة من الفوضى التي نرى نتائجها حتى الآن”.

ورد على ما أُثير بأنه كان يراجع خطابات مبارك أثناء الثورة، مؤكدًا أنه كان يراجعها ويبدى بعض الملاحظات عليها، وكان هناك استجابة محدودة في الخطاب الأول، وفي الخطاب الثاني كان فيه مساحة من الاستجابة أكبر، والخطاب الثالث كان كلاما مختلفا تماما عما تحدثنا فيه. وأوضح أن مبارك كان يشعر بالحزن المشوب بخيبة الأمل من دعوات التظاهر أمام القصر الرئاسى، ففي آخر اتصال تم معه كان يشعر بذلك، “فلم يتخيل أن الناس لا ترى ولم تعرف ما فعله ولا تدرك حقيقة الأمر، وكان يشعر بحالة من حالات التجني، لكن في نفس الوقت لم يكن هناك إدراك بحجم المخاطر الموجودة”، حسب قوله، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن مبارك كان أكثر تماسكا من جمال مبارك، اليوم الذي سبق التنحي، وكان لديه شجاعة ورباطة جأش واضحة، لأنه في يوم التنحي لم يكن موجودا بالقاهرة.