أقلامهم

الكويتيون بين مطرقة العزاب .. وسندان الوزير!

الحديث عن سكن العزاب وحقوقهم المهدورة من جهة، وزحفهم إلى السكن في قلب مناطق السكن الخاص من جهة أخرى، يشكل هاجساً متجدداً وحاضراً لدى العوائل من المواطنين والوافدين.

وقد فتحت جريدة «الراي» هذا الملف في 21 نوفمبر 2016 وسلّطت الضوء على المشكلة وتداعياتها الأمنية والأخلاقية والاجتماعية والصحية.

ويوم الجمعة الماضي كان الموضوع يتصدر الصفحة الأولى عن الموضوع نفسه، بما يحيط القراء من تجذر المشكلة وبما يوحي ببرود الجهات الرسمية في التعامل معها، حيث يرون أنه لا يلوح في الأفق حل أو رؤية ما تطمئن العائلات التي باتت تخشى على أبنائها وعمالتها المنزلية من التجاوزات غير الأخلاقية التي يمارسها بعض جيرانهم الجدد من العزاب.

كانت العناوين كالتالي:

-«فلتان» العزّاب تهديد أمني واجتماعي

– مواطنون يشكون ويأملون: نعيش بين «مناجر» وورش تصليح سيارات

– محاطون ببيوت «قطع» الواحد منها إلى 50 غرفة 150 ساكناً

– حوّلوا «الخاص والنموذجي» إلى سكن بلا سكينة

– على الجهات المعنية رفع راية القانون ليرفع العزّاب الراية البيضاء

وسبب تصدر الخبر وأهميته يرجع إلى صرخات الاستغاثة الجديدة للمواطنين الذين زادت أوجاعهم وانفجروا بالشكوى بعد الحريق الذي شب ليلة الجمعة في أحد المساكن التي تعج بالعزاب والملاصقة لبيوت العائلات في السكن الخاص وكادت الكارثة تعم،

غير المشاكل اليومية الاجتماعية التي لا يحسها إلا المواطنون الذين ابتلوا بمحاصرة العزاب لهم ولأسرهم من كل صوب!

بدوره، قام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري بالتعقيب على ما نشرته «الراي» حول مشكلة سكن العزاب في مناطق السكن الخاص والنموذجي حيث «أشار إلى وجود فريق في كل محافظة يتلقى شكاوى المواطنين في شأن سكن العزاب في المناطق النموذجية، وفور تلقي الشكوى تحال إلى وزارة الداخلية للتحري عنها والتأكد منها، وإذا أكدت الداخلية وجود عزّاب فسيتم قطع التيار الكهربائي عن السكن الذي يقطنونه».

وتفاعُل الوزير يطمئن وهو الإجراء المطلوب، لكن المتضررين الذين وقع الحريق في شارعهم وقريب من سكنهم يردّون على تصريحه، وهأنذا أنقل نص رسالتهم كما وصلتني:

«أولا تم تقديم الشكوى ضد استغلال أحد البيوت في شارعنا بمنطقة العمرية منتصف شهر رمضان الماضي، وهذا يدل على بطء دورة الإجراء اللازم بين الوزارات، فالشكوى يتم تقديمها إلى المختارية لتنقلها إلى المحافظة ثم إلى البلدية ومن البلدية إلى الداخلية ومنها إلى الكهرباء… ما يعني أن معاناة الأسر الكويتية وأبنائهم مستمرة لما لا يقل عن 6 أشهر أو حتى سنة كاملة لاتخاذ التدابير اللازمة، مع ما يصحب ذلك من تحمل للأذى النفسي والفوضى الحاصلة والمنظر غير الحضاري وتكدس العمالة بشكل يتنافى مع أبسط الحقوق الآدمية لهم، فضلاً عن إيواء المخالفين والتستر على المجرمين، والأهم من هذا كله أن سكن العزاب في مناطق العوائل مخالف للقوانين المعمول بها في الكويت والتي يجب تفعيلها فورا إنفاذاً للقانون وحفاظاً على هيبة المؤسسات ولمنع المتجاوزين من التمادي في المخالفات.

وإمعاناً في تضليل موظفي البلدية يقوم البعض بتقسيم المنزل إلى جزءين، أحدهما تقطنه عوائل ليكون الواجهة، والآخر في الخلف لسكن العزّاب وتكدس الأعداد في منزل واحد الذي يتم فيه فصل الغرف بألواح الجبس أو الصفيح وهذا خطر جداً كما حصل في حريق يوم الخميس الماضي تاريخ 3 /8 /2017 ولولا لطف الله في أن الحريق كان بغرفة على السطح لأصبحنا على كارثة لا قدّر الله.

كما أن قانون المعلومات المدنية يسمح لصاحب البيت بتسجيل 50 شخصاً فقط من أبناء الأسرة الواحدة، أما الحاصل عندنا فهو مخالف لكل القوانين والأنظمة، حيث إن الموجودين في السكن يحملون بطاقات مدنية تخصهم تحمل عنوان سكن غير صحيح، وهذا الوضع يعتبر خطرا جداً أمنياً.

كما لا يفوتنا أن ننبه معالي وزير البلدية والمدير العام للبلدية ووزارة الداخلية أن تكدس السيارات في الفريج ومداخل الفريج والبراحات التي اكتظت بالسيارات والسكاريب خطر جداً على أمن البلاد والعباد…».

وأنا أقول إن هناك أمراً لم يتطرق إليه الأهالي، وهو البعد الاجتماعي والتراحمي الذي يربط الناس والجيران ببعضهم البعض، فالكثير منهم متضرر ويتأفف طول الوقت وفي مجالسهم يشتكي بعضهم لبعض، لكن ما يمنعهم من التصعيد هو أن أصحاب المنازل المؤجرة للعزاب، من جيرانهم ومعارفهم وعشرة عمر…فالحياء والوفاء يمنعاهم من المطالبة بحقوقهم ويعيشون بين شعورين متنافرين ألم الواقع ومراعاة الجار! أي أن مشكلة العزاب تساهم في تقطيع شبكة أجمل العلاقات التراحمية الاجتماعية.

يا معالي الوزير ومثلك يعرف تماماً قيمة هذه العلاقات وعمقها وأثرها في تكوين مفهوم المواطنة الصالحة عند الناس.

والحل كما تفضّلت في ردك على «الراي» وهو بناء مدن خاصة لهم.

لكن حتى تنفيذ هذه الرؤية هل يجب على عائلات المواطنين انتظار الفرج، خصوصاً وأنهم يرون أن الإجراءات الكفيلة بأن تريحهم وتنصفهم وتؤمن لهم عيشهم ما زالت مجرد تمنيات لا يصدقها الواقع؟!

mh_awadi@