أقلامهم

الطريق الوعر

من هم المسؤولون الذين سيقودون الدولة إلى تحقيق حلم التنمية، حسب خطة 2035؟ هل نتصور أن العديد من كبار المسؤولين في السلطة اليوم هم من سيرسون بالسفينة الكويتية، التي تكابد الآن العواصف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلى بر الأمان؟! مثل هذا المسؤول الذي “فاحت ريحته” حين عرضت قضية أقامها في المحاكم، ثبت فيها أنه يملك عشرات السيارات الفارهة من “رولزرويزات ومرسيدسات” وغيرها، جديدة وكلاسيك، لا يتصور أبداً أنه حصل على ثمن اقتنائها من راتب الوظيفة… هل هذا المسؤول، ومثله كثيرون، قدموا كشوفاً بذممهم المالية إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد؟ وهل تم التحقيق في صحتها؟ هل سأله أحد: من أين لك هذا؟

غير البطل السابق، هناك مسؤولون أيضاً كثر الحديث عنهم في جريمة التحويلات الرهيبة، التي لم يُدَن فيها أحد، راكموا مئات الملايين وبقوا في أماكنهم، ظلوا في مراكزهم العالية ثابتين لا تهزهم ريح، لا أحد يستطيع أن يقترب منهم، فلهم حماية وحصانة فوق القانون وفوق المؤسسات، بينما المسؤولون الشرفاء خرجوا بصمت، لا أحد يذكرهم الآن… لماذا؟!

كيف يمكن أن نبحر لعام 2035، وإلى دنيا نتخلى فيها عن النفط، كبضاعة وحيدة لرزق الدولة أخذت تفقد أهميتها كي تحل محلها ثروة استغلال واستثمار الموقع الجغرافي، وهذا قدر الدولة تاريخياً، وتلك الشاكلة من البشر المسؤولين يجثمون على صدر الدولة؟ هم رموز الفساد غير القابلين للمساءلة، ولا أحد يعرف لماذا، هل سيجلسون على مواقع قيادية لسفينة الإبحار كي نصل إلى “فينسيا الشرق في وربة…”، وإلى مدن عالمية سياحية حرة توفر فرص العمل لمئات وألوف المواطنين وتضخ دخلاً كبيراً لميزانية الدولة؟!

أسئلة مشروعة يمكن أن نفكر بها قليلاً، مثل: هل يمكن تخيل بنية تحتية من أبنية ومنشآت وطرق وخطوط مواصلات كبيرة، تكون الكويت فيها هي المعبر المهم لطريق الحرير، وهي منطقة جذب ضخمة للاستثمارات الأجنبية، بينما لا توجد مؤسسات حقيقية كافية تُعمل حكم القانون؟ المقصود هنا هو المساواة أمام القانون، فلا واسطة ولا محسوبيات، ولا علاقات قبلية وعائلية وطائفية تتقدم على مبدأ الجدارة والكفاءة في المراكز الوظيفية العامة والخاصة، وفي فرص العطاءات والمناقصات العامة!

لا يكفي أن نتحدث عن “مؤسسات” قانونية مستقلة، بل علينا أن نتساءل عن “نوعية تلك المؤسسات”؛ هل ستكون مستقلة حرة تقود التقدم في الدولة؟ أم ستدخل في خلقها كل الأمراض الاجتماعية والسياسية؟ نذكر جامعة الكويت، على سبيل المثال، كان يفترض أن تكون نبراساً ومشعلاً للمجتمع، إلا أنها أضحت مرآة عاكسة لأمراض هذا المجتمع، حين تدخلت السياسة المتخلفة في مسيرتها… جامعة الكويت مجرد مثال بسيط، لنا أن نقيس عليه معظم مؤسسات الدولة التي أصبحت هموماً وعثرات كبيرة تقف دون التقدم وتنمية الدولة والمجتمع.

الطريق إلى كويت 2035 طويل وشاق، ويتطلب تضحيات كبيرة، وفهماً وتقبلاً شعبيين لها، هل تقدم الحكومة النموذج والقدوة للناس كي يتقبلوا بعضاً من التضحيات، كي نصل لحلم فينسيا الشرق؟ أم مازالت هي على “طمام المرحوم”، فلا حياة لمن تنادي؟!