كتاب سبر

أين خطة إصلاح مصر ؟

ما زالت البلاد تُدار دون عقل ودون خطة ودون برنامج. 
.. نحن متفقون على أن فى البلد أزمة لا بد من الخروج منها.. ووقف الشعب، أو قُلْ، الأغلبية خلف الرئيس السيسى متوسمة فيه إعادة بناء الدولة وتحقيق آمال المصريين فى دولة مدنية حديثة فى ظل دستور جديد يؤكد ذلك بعد عذاب سنوات طويلة مع استبداد نظام مبارك الذى أغرق البلاد فى الفساد من أجل مصالحه وتوريث سلطته لابنه من بعده.. وجاءت جماعة الإخوان من بعده لتسرق ثورة الشعب وأرادت أن تكون مصر عزبة للجماعة ومكتب إرشادها.
.. فكان الأمل معقودًا على الرئيس عبد الفتاح السيسى للتخلص من كل هموم الماضى والتطلع إلى أمل المستقبل وتحقيق الطموحات التى تليق بالشعب الذى تحمَّل وناضل كثيرًا من أجل حريته.
.. ما إن تسلَّم الرئيس السيسى السلطة كأنه فوجئ بمشكلات وأزمات البلاد.. ومع هذا لم يحدث أى شىء.. اللهم إلا طلبه من الشعب التحمل فى رفع الدعم عن الوقود، فاستجاب الشعب وتحمَّل ومرّ الأمر بسهولة، رغم أنه لم يكن أحد يستطيع اتخاذ هذا القرار «قرار رفع الدعم» بتلك الطريقة.
وزاد على ذلك صندوق التبرعات الذى دعا المصريين فى الداخل والخارج إلى التبرع لهذا الصندوق الذى سينقذ مصر.
كأن التبرعات -فقط- أصبحت الإنقاذ..
وكأن بناء الدولة ومؤسساتها اختُزل فى التبرعات.
.. فلم يفعل الرئيس أى شىء سوى الدعوة إلى التبرعات وعقد الاجتماعات من أجل هذا الصندوق، وحاول أن يقدم القدوة للناس بتبرعه بنصف ثروته ونصف مرتبه لكن يبدو أنه لا يعلم أن معظم المصريين لا يكفيهم مرتبهم لاحتياجاتهم الأساسية.
.. ولعل رجال الأعمال خذلوه حتى الآن أو ربما هم مندهشون من ذلك الصندوق!!
.. ومن ثم كانت القرارات غريبة.. لعل أبرزها إسناد إدارة الصندوق إلى شخصيات فشلت من قبل فى جمع تبرعات لصالح البلاد أيضًا وأقصد هنا رجل الأعمال أو الإعلام محمد الأمين الذى دعا بعد «30 يونيو» إلى إنشاء صندوق دعم مصر، وحصل على رعاية حكومية وتبرُّع كبير من القوات المسلحة لكنه فشل فى النهاية سواء فى جمع التبرعات أو تنفيذ أى مشروعات من المبالغ القليلة التى جمعها فى الأيام الأولى لدعاية تأسيسه.
.. فهل يُنتظر بعد ذلك الخير من صندوق «تحيا مصر»»؟!
.. يحدث ذلك فى ظل غياب رؤية آنية ومستقبلية للخروج من الأزمات.
.. فأمور الدولة تدار يومًا بيوم كما كان يحدث فى السابق سواء فى الأيام الأخيرة فى نظام مبارك أو ما بعد ثورة 25 يناير وخلال الفترة الانتقالية وإدارة المجلس العسكرى للبلاد ووزارة عصام شرف وأيضًا فى ظل حكم الإخوان.
.. فحتى الآن لا أحد يعرف ماذا يدور فى دماغ الرئيس عبد الفتاح السيسى.
.. ولا أحد يعرف من فريقه الرئاسى.
.. ولا أحد يعرف من هم مستشاريه إذا كان له مستشارون.
.. أى نعم الناس تثق به ولكن تلك الثقة لن تدوم.
.. فلا بد من خطة للدولة واضحة المعالم.
.. خطة آنية لشهور أو سنة.. وخطة لسنوات قادمة.
.. ولن يأتى ذلك بجلوس الرئيس فى القصر مكتفيًا بمن حوله ممن لا يعرفهم الشعب الذى من حقه أن يعرف.
.. ولا بد من تشكيل لجنة أزمات من شخصيات وطنية لا تعمل إلا إلى البلد -لا لمصالح شخصية- تضع خريطة للخروج من الأزمة.
.. ولا بد من مؤتمر اقتصادى يشارك فيه جميع القوى السياسية وعلماء مصريون من الداخل والخارج للمشاركة فى وضع رؤية للمستقبل.
.. فليس الأمر محصورا فقط فى رجال أعمال لم يستطيعوا أن يجمعوا 25? مما طلبه السيسى فى صندوق التبرعات.. ولن يستطيعوا رغم أنهم حصلوا على أضعاف ذلك بتسهيلات ومنح ونفوذ واحتكار على حساب البلد والشعب خلال نظام مبارك.. وجاء الآن وقت رد ذلك ولو جزئيًّا، لكنهم لا يفعلون.
.. فليست القضية هى التبرعات.. ولكن البلد فى حاجة إلى خطة تنمية شاملة بأفق أوسع من المحيطين بالرئيس.
.. والشعب فى حاجة إلى شفافية ليعرف ماذا يدور فى محيط الرئيس.