أقلامهم

ذعار الرشيدي: لم يمر بتاريخ العرب أصوات عربية تؤيد ذبح العرب على يد أعدائهم مثلما نشهد اليوم.

الدفاع عن إسرائيل و«الإخوانوفوبيا»  
بقلم: ذعار الرشيدي 
لم يمر بتاريخ العرب كلها اصوات عربية تؤيد ذبح العرب على يد أعدائهم مثلما نشهد اليوم من أصوات عربية خالصة ترى في تبريراتها أن القصف الذي يقوم به الإسرائيليون مبرر والهدف منه القضاء على حماس الإخوانية وإعادة «تحرير غزة من الإخوان»، أيُّ منطق هذا الذي يتسيد عقول هؤلاء؟! والمصيبة أن من يطلقون هذه التبريرات يفترض فيهم أن يكونوا من نخبة المثقفين والمفكرين الساسة في بلدانهم.
لا أعرف كيف لشخص أن يبرر أو يسوغ أو حتى يجد أدنى عذر لقتل أكثر من 100 طفل حصدت أرواحهم آلة القتل الوحشية الإسرائيلية خلال أيام قليلة؟!
****
تاريخيا أيضا لأول مرة تعمل إسرائيل دون خشية من الضغط الإعلامي العالمي، خاصة أن الجيش الإسرائيلي الآن «يعيد تغريد» تصريحات مفكرين ومثقفين عرب يؤيدون العدوان الإسرائيلي على شعب غزة، وصحف إسرائيلية تعيد نشر مقالات السادة العرب «المتشفين» بدماء أطفال غزة.
****
هؤلاء المتمنطقون بكراهية حماس أو الإخوان يرون أن وفاة ألف فلسطيني بمقابل أن تختفي حماس إلى الأبد هي قمة النصر على جماعة الإخوان، والحقيقة أن «روعة نفس» طفل فلسطيني واحد من القصف تساوي شوارب كل المثقفين العرب الجالس منهم والقاعد.
****
غزة كحالة إنسانية، وبتجريدها من كل المحيط السياسي، بل والجغرافي أيضا، ستجد أنها وباختصار شديد جدا منطقة أغلقت بالكامل وأهلها يقتلون يوميا والعالم كله يتفرج، إسرائيل عدو وما تفعله لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، على الأقل هذا ما يقوله بعض المثقفين اليهود في رفضهم للقصف الإسرائيلي على غزة ويعلنه صراحة كتاب إسرائيليون يساريون ويعتبرون أن اعتداء جيش بلادهم على غزة هو انتهاك صارخ للإنسانية.
أما مثقفونا فبعضهم بدأ يشمت بما يحدث في غزة تقربا لمن يكره «الإخوان»، وبعضهم صمت عما يحدث في غزة خشية أن يغضب كارهو الإخوان.
نحن نعيش حالة «الإخوان فوبيا» أو بتعبير أدق «إخوانوفوبيا» على وزن «إسلاموفوبيا»، وقد وصلت بالبعض درجة الإصابة بهذا العارض أنه يرى أحشاء طفل فلسطيني تخرج من جسده بسبب القصف الإسرائيلي ويقول لك «كله من حماس… كله من الإخوان»، وهذه الآن للأسف حالة عامة مستشرية ومرض نفسي سياسي غريب يضرب الكتاب والإعلاميين والساسة بشكل جعلهم لا يرون القاتل ولا القتيل رغم أنهم شهود عيان لتلك الجريمة، بل يتهمون شخصا آخر لم يكن في موقع الجريمة وقت حدوثها!
نعم، البعض الآن يشيع أن الإخوان «بعبع» قادم لابتلاع الأمة ونهب ثرواتها و… و… و… إلى آخر تلك الاسطوانة الاتهامية التي يُرمى بها الإخوان، ولكن الإخوان في الحقيقة فصيل سياسي له ما له وعليه ما عليه، خسر في مصر وها هو يواجه الخسارة في ليبيا المضطربة، وفي الكويت بدأ ينحسر مده بسبب أخطاء تعاطي بعض أعضاء تياره مع الشأن السياسي. هم في النهاية فصيل سياسي، خذه وحاسبه لفعله في كل بلد، أما أن تعممه كحالة وتصور هذا الفصيل على أنه ينوي احتلال البلدان العربية ووضعها تحت سيطرته، فهذا كلام خارج عن المنطق والقياس البسيط للأشياء وفيه مبالغة، بل تهريج سياسي سببه أن من يطلق هذه الاتهامات مصاب بـ «الإخوانوفوبيا».