أقلامهم

بعد مصر وتونس، هل ستحدث ثورة في الكويت؟ سؤال يجيب عليه عبدالحميد الهلالي

هل ستحدث ثورة في الكويت؟
عبدالحميد الهلالي
هذا السؤال تردد علي كثيرا من دول كثيرة بعد أحداث مصر وتونس، وما يحدث في دول أخرى، وكان جوابي دائما، هو أن الذي لا يعرف تاريخ الكويت، وتاريخ حكامها وطبيعة أهلها، لا يمكن أن يحكم عليها، فلا يمكن أن ينطبق عليها ما ينطبق على الآخرين، لأن لها وضعا وتاريخا، يختلفان عن الآخرين. 
فمنذ أن نشأت الكويت في القرن السابع عشر أو الثامن عشر الميلادي، واختيار آل الصباح ليكونوا حكاما لها، تعاهد الحاكم والمحكوم على الشورى كنمط للحاكم وإدارة هذه الدولة الناشئة، وبالتالي نشأ الجميع جيلا بعد جيل، سواء جيل الحاكم، أو جيل المحكوم على هذا النمط من السلوك السياسي في الإدارة، مما أنشأ منظومة أخلاقية بين الحاكم والمحكوم، تسببت في هذا الاستقرار والأمان، والتفاهم، والانسجام، والتراضي، واللحمة، فلا يوجد في الكويت هذا الحاجز الكبير بين الحاكم والمحكوم، ولا ذلك الظلم الصارخ الذي يؤجج الثورات ضد حكامها.
الأمر الآخر هو أن المتتبع للثورات التي حدثت سواء في مصر أو تونس أو ليبيا، ودول أخرى يلاحظ تشابه الدوافع لهذه الثورات، والتي من أبرزها الظلم الكبير في جميع مناحي الحياة، وانعدام العدالة الاجتماعية، والفساد الإداري الكبير والذي زكم الأنوف، والتفرد بالحكم الديكتاتوري، وتصنيف الشعب، وانعدام حرية التعبير والنقد، وعدم توفير أبجديات الحياة للمواطن، وتحويل هذه الدول إلى أنظمة بوليسية مرعبة، كل هذه أسباب دفعت هذه الجموع لإشعال الثورات.
نحن في الكويت لا ندعي أننا دولة الصحابة، ولا ندعي أننا نعيش في المدينة الفاضلة التي حلم بها أفلاطون، ولكننا نعيش في بحبوحة من الحرية، نستطيع أن نتكلم بما نشاء دون محاسبة، والحقوق ممنوحة لجميع المواطنين دون تفرقة، وسجوننا خالية من سجناء الرأي، والحواجز معدومة بين الحاكم والمحكوم يزور بعضهم بعضا بكل سهولة ويسر، والإسلاميون والليبراليون يقولون ما يشاءون، فما الدوافع التي تدفع الناس في الكويت ليثوروا؟ نعم توجد أخطاء، ويوجد فساد إداري، وتوجد عيوب في وزارات الدولة، وفي بعض الوزراء، ولكنها ليست بالكم ولا الكيف الذي يؤدي إلى ثورة كما حدث في البلدان الأخرى.
إننا نحتاج إلى شيء من التعاون بين السلطتين، وتفعيل خطة التنمية، وإزالة ما تبقى من فروق بين المواطنين وخاصة تعدد الجنسية، ومنح المستحقين من البدون للجنسية، وغيرها من الأمور الملحة لننزع كل فتيل لمثل هذه الثورات. اللهم احفظ الكويت وأهلها من كل سوء، وسائر بلاد المسلمين.