أقلامهم

البغلي يصف الثورات العربية بالبلطجية ويمتدح الديكتاتوريات

يرى الكاتب علي البغلي أن الديكتاتوريات العربية أفضل من الثورات وماصاحبها من أعمال بلطجة ويعدد أسباب رأيه المختلف عن السائد
علي البغلي 
ما ترافق مع الثورات العربية المستمرة، منذ ديسمبر حتى الآن، هو ظاهرة البلطجة الشوارعية المنظمة، فالشعب الثائر يقول إن أعمال البلطجة هي من صنع فلول الأنظمة الدكتاتورية التي تريد من الشعوب أن تترحم على أيامها.. وفلول الأنظمة السابقة تقول إن البلطجة السائدة هي نتيجة لانعدام فعالية قوى الأمن الداخلي أو الشرطة، التي أصبحت تهاب، أو لديها عقدة من التدخّل ضد الشعوب، لكي لا تزيد كراهيتها في نفوس أبناء وطنها أكثر مما هي مكروهة بسبب ممارساتها التعسّفية ضدهم قبل الثورة.
أشهر أعمال البلطجة هو موقعة الجمل في ميدان التحرير في القاهرة، يناير الماضي، عندما هوجمت مجاميع المتظاهرين من قبل أفراد يمتطون الخيول والجمال، وما زالت صورة راكب الجمل، الذي قد يكون مرشداً سياحياً قرب الأهرام، عالقة في الأذهان!
***
في مصر حصلت وتحصل عشرات أحداث البلطجة التي تثير القلق في النفوس المحبة لذلك البلد، الذي تخلص من نظام دكتاتوري جثم على أنفاسه لعقود من الزمن، وآخر أحداث البلطجة المصرية متنوعة النشاط، منها الرياضي ومنها السياسي وأخطرها الديني!
في مباراة على كأس أفريقيا بين فريقي الزمالك المصري والأفريقي التونسي، انتشرت رسائل نصية هاتفية بين جماهير الزمالك قبل ثلاثة أيام من موعد المباراة تدعو إلى تخريب المباراة في حال هزيمة الفريق المصري! وقد نزلت جماهير الزمالك بعد هزيمة فريقها واعتدت على الحكام واللاعبين ولم تتدخل قوات الشرطة كالعادة، بل وقفت متفرجة، وهو الأمر الذي كانت الجماهير تعلم به ولولاه لما حدثت أعمال البلطجة الرياضية تلك، الفريق المصري عوقب بالإيقاف 3 سنوات في أي نشاطات رياضية أفريقية، ورئيس الوزراء المصري عصام شرف يفكر في إيقاف الدوري المصري.
***
أما أخطر أعمال البلطجة المصرية في نظري فهي البلطجة التي تقوم بها القوى السلفية المصرية، التي كانت «عبود» أيام مبارك والعادلي فأصبحت كالقطعان المسعورة في ظل انعدام الأمن والأمان في مصر العروبة والإسلام المعتدل، مجموعة من تلك المجموعة المؤمنة بفكر مغالٍ مستورد من خارج مصر، قامت الأسبوع الماضي بجدع أذن أحد المواطنين، مقيمة عليه الحد بصفتها مجموعة محتسبة، أما أخطر ما قامت به تلك «العصابات» السلفية في مختلف محافظات مصر، حين استغلت الملابسات التي رافقت ثورة 25 يناير، خصوصاً انسحاب الأمن من الشوارع وشنّت حملة منظمة لهدم أضرحة أولياء الله الصالحين المنتشرة في المدن والقرى المصرية، وهددت بهدم مسجدي الإمام الحسين والسيدة نفيسة بالقاهرة باعتبارهما حسب عقيدتهم «الوهابية» شركاً بالله، وأن المصلين في هذه المساجد يقعون في الشرك، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر جرّم تلك الاعتداءات الآثمة، وشن مفتي مصر الشيخ علي جمعة هجوماً حاداً على المعتدين، واصفاً إياهم بـ«الأوغاد والخبثاء»، بينما دعت الجماعة الصوفية إلى مظاهرة مليونية الثلاثاء احتجاجاً على هدم تلك العصابات لما يزيد على مائة ضريح. انتهى.
صحيح أن الثورات العربية أزاحت عن كاهل الشعوب أنظمة دكتاتورية، ولكن أتى من رحمها عصابات بلطجة شرسة تحت كل المسميات والشعارات، قد تجعل الشعوب تترحّم على أيام دكتاتورياتها!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
***
• هامش:
خالص الشكر للمربي الفاضل والزميل أنور عبدالله النوري على هديته القيّمة المتمثلة في كتابه «في مرابع الذكريات» التي ينقلك فيها «بومناور» بسلاسة وامتاع بجميع فصول حياته الحافلة، أطال الله بعمره، من فريج العاقول بحي شرق في الأربعينات، انتهاء برئاسته لشركة غلوبل التي تركها في عز نجاحها عام 2008.