أقلامهم

التاريخ يعيد نفسه لكن الظالمين لايعتبرون .. الحساوي يدعو القادة للاتعاظ مما يجري لمبارك

د. وائل الحساوي     

نسمات / سجن المشاهير

عندما تولى هارون الرشيد الخلافة العباسية عيّن يحيى بن خالد البرمكي رئيسا للوزراء وسلمه زمام تصريف الأمور في الخلافة وانفاق الاموال الى ان نكب هارون بالبرامكة فأمر بحبس يحيى وابنه جعفر.

فقال جعفر لأبيه يحيى وهما يرزحان بالقيود والحبس: «يا أبت، بعد الامر والنهي والاموال العظيمة، اصارنا الدهر الى القيود والحبس ولبس الصوف! فقال له ابوه: يا بني لعلها دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها، ثم انشد يقول:

رب قوم قد غدوا في نعمة

زمنا والدهر ريان غدق

سكت الدهر زمانا عنهم

ثم ابكاهم دما حين نطق

ها نحن نرى تلك القصة الدرامية تتكرر بوجوه متعددة في كل زمان ولكن مشكلة الظالمين والجبارين انهم لا يعتبرون.

«سجن طرة» في مصر من اشهر السجون وعمره اكثر من 83 عاما، وقد شهدت جدرانه مذابح للمعارضين من اشهرها ما تعرض له الاخوان المسلمون العام 1957 على يد جلاوزة جمال عبدالناصر، ومن اشهر نزلائه الكاتب مصطفى امين واعضاء تنظيم ثورة مصر وقيادات الاخوان والجماعة الاسلامية وكثير من المشاهير امثال هشام طلعت وايمن نور.

خرج علاء وجمال مبارك من المحكمة الى سجن طرة في عربات مصفحة تدافع المواطنون على رشقها بالحجارة الى ان وصلا السجن واستقبلهما جمع غفير من الوزراء والمسؤولين المصريين السابقين ومنهم صفوت الشريف واحمد نظيف واحمد عز، ونظرا لحجم ثروات هؤلاء المسجونين فيعتبر البعض سجن طرة اغنى السجون في العالم، وينتظر السجن الريس مبارك لدخوله بعد ان يخرج من المستشفى، ولم يترك المدونون تلك الاحداث دون تعليقات طريفة مثل مطالبتهم بتحويل السجن الى مزار سياحي مقابل 100 جنيه للمصري و100 دولار لغير المصري مع رسوم اضافية للتصوير مع السجناء، ويكون رصيد المزار لتسديد ديون مصر، كما رددوا (يا جمال يا مبارك سجن طرة في انتظارك) اما فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق فقد بكى ثلاث مرات اثناء التحقيق وبدا غير مصدق لما يحدث لا سيما عندما وضعوا الكلبشات في يديه، ويحكي بأنه كان يردد «معقول صفوت الشريف يدخل السجن!».

للرئيس مبارك مواقف عربية كثيرة لا ننساها لكن لعلها دعوات آلاف المظلومين من الشعب المصري قد قادته وابناءه الى السجن لقد كان مبارك قادرا على الهروب من مصر هو واسرته ولكن الله تعالى ارانا فيهم عبرة يشهد لها قول الله تعالى:

«قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير، انك على كل شيء قدير».