أقلامهم

مقارنة بين كفاءات وزراء الستينات والوزراء من الوعاظ يعقدها النصف في تحليله أسباب تراجع الكويت عن الريادة

سامي النصف 

حكومة التحديات غير المسبوقه

قام انجاز الستينيات والسبعينيات الكويتي على نظرة سياسية وإستراتيجية ثاقبة بعيدة النظر تم من خلالها الاستعانة بالأكفاء ورجال الدولة لتولي المناصب القيادية، وقام هؤلاء بالتبعية باختيار أفضل وأذكى العقول العربية والأجنبية لمساعدتهم في عملهم، فظهر للعيان الانجاز الكويتي الكبير في جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية والعلمية والأدبية والفنية والإعلامية والسياسية والرياضية.. الخ.

في السبعينيات وما بعدها وبسبب الوفرة المالية والنزاعات السياسية، وكوسيلة للترضية تم الابتعاد عن نهج اختيار الأكفأ والأذكى وتم توزير خريجي معاهد قد يصلح أصحابها للوعظ والإرشاد الا انهم لم يكونوا على الإطلاق قادرين على الحفاظ على نهج الريادة الكويتي في القطاعات المختلفة كونهم لا يؤمنون بالكثير منها، في حين بدأ الجيران والأشقاء الخليجيون ينهضون ويأخذون بالليبرالية الاقتصادية والاجتماعية التي ابتعدنا عنها ويستعينون بأفضل العقول المحلية والعربية والأجنبية كحالنا قبل ذلك.

وامتد ترهلنا من العام إلى الخاص، خاصة بعد تحولنا الى نهج الدولة الريعية (المرض الهولندي)، واختفى بالتبعية الجيل الاقتصادي الذي تسببت شطارته المالية وروحه المبادرة الوثابة وقدرته الفائقة على اقتناص الفرص في السمعة الطيبة للتاجر الكويتي والتي كانت تخلق موارد بديلة للدولة، واستبدل ذلك كله بطبقة اقتصادية جديدة تعتمد على الربح السهل والسريع عبر المضاربات بالأسهم وعمليات الاحتيال على البسطاء من المساهمين والمتعاملين دون حسيب او رقيب حتى أضحت أسواقنا المالية الأكثر انهيارا في العالم.

ان الكويت بحاجة حقيقية لحكومة تضم أفضل وأكفأ وأذكى العقول الموجودة في البلد لمواجهة تحديات الأسابيع والأشهر والسنين القادمة، وهي تحديات غير مسبوقة في تاريخ البلد منذ نشأته الأولى حتى انه تصغر أمامها تهديدات قاسم وغزو صدام كونهما قاما على معطى أمور سهل اتخاذ القرار الصائب فيها، أما ما هو قادم فقضايا وأحداث كبرى شديدة التعقيد ترتبط بالداخل الكويتي والخارج والمنطقة والإقليم ولا تحتمل لجسامتها الخطأ في القراءة او القرار.

آخر محطة:

 (1) بودنا ان ترشح كتلة العمل الوطني وبقية الكتل البرلمانية والسياسية أسماء للوزارة ولبقية المؤسسات والشركات الحكومية تقوم على الكفاءة والاقتدار، فالانجاز والاخفاق هما في النهاية منتجان بشريان ولا يصح الانتظار حتى اختيار زيد أو عمرو ثم تضييع الوقت بمحاسبتهما، وقديما قيل: درهم وقاية خير من قنطار علاج.

(2) فاتنا ان نثني في معرض حديثنا عن اختيار الأطباء للوزارة والإدارة على اختيار الدكتور الطبيب عبدالرزاق النفيسي لادارة المعهد التطبيقي الذي يزيد عدد منضويه عن اعداد الكثير من الوزارات.

(3) ضمن حفل عشاء أقامه الزميل ماضي الخميس استمعت لأحد كبار المختصين في قطاع الاتصالات من غير الكويتيين يبدي استغرابه الشديد من دفع شركة كويتية لـ 23 مليار ريال للحصول فقط على «رخصة» شركة اتصالات تعمل في بلده، وتساءل: كيف يمكن لمن يدفع مثل هذا المبلغ ان يتوقع الربح؟!

(4) مثل هذا الكلام استمعت له من رجل اقتصاد كبير حول شراء شركة كويتية لوكالة سيارة فخمة خاسرة ويقول: إذا كان البائع وهو احدى كبرى شركات السيارات في العالم لم يستطع تسويق تلك السيارة وتحويلها من الخسارة الى الربح، فكيف يمكن لمسؤول الشركة الكويتية ان يفعل ذلك؟! أرجو ألا يكون السبب هو المقولة اللاذعة للوزير البحريني المرحوم يوسف الشيراوي حول حقيقة «غفلة أهل الكويت»!