أقلامهم

كل كويتي فقير ليس لديه مواطنه .. غليفص : المواطنه تقاس بالدينار

غليفص بن عكشان

 احتكار المواطنة

  يرى البعض، وهو يسبح في وهم التيه، ويدفعه الغرور، أن المواطنة له دون غيره، ويهمس في أ ُذنيه الشيطان أنه على حق بما يقول في حق غيره، ويركب موجة الشطط عندما يفكر أن الكويت خاصة به دون أغلبية الشعب الكويتي، وهذا أدى به إلى العبث بالوحدة الوطنية، وفات عليه أنه يزحف على ركبتيه للخلف قبل أن يصل إلى مراده لكسر الوحدة، إذ يتعلق بالطائفية فيخر صريعا ً على صخرة تماسك المجتمع، ثم يميل إلى القبلية فينتكس على رأسه قبل أن ينال مراده، بعدئذ يدخل الشيطان في منخريه حتى يموج في خلاف الأسرة الحاكمة فينكب على وجهه دون تحقيق شيء مما يريد، وعند فشله في ذلك كله أخذ ينظر للتنمية ويعمل جهده لعمل الإطار العام لخطة التنمية، كل ذلك منه سعيا ً لتحقيق المزيد من مصالحه المشتركة مع من دفعوا به إلى أن يكون مستشارا ً يُقدم رأيه بضغط أسياده من أجل مصالحهم التي تعلو عندهم على مصالح الوطن والشعب . 

نعم فالمواطنة لدى البعض المغرور تُقيًّم بالدينار، إذ يفكر غلطاً بأن المواطنة لا تكون إلا حيث تكون الملايين وبقدرها تقدر المواطنة، أي المواطن الكويتي مقياس وطنيته بقدر ثروته، هذا رأي البعض الذي يرى قيمته المعنوية تتجسد في ماله السائل أو أصوله أو برجوازيته، لذا فهو دائم اللهث خلف الغش والفساد للحصول على الكسب غير المشروع للمال بأي وجه كان . وحيثما يكون الإصلاح يعاديه ويصف المصلحين بأنهم أعداء التنمية، لأنه يريد أن يكبر مستنقع مرض الفساد الإداري حتى يتحقق عفن الفساد المالي بالمشاريع الورقية التي ليس لها مردود وطني أو شعبي، أنما كسب المال العام باسم المناقصات للبنى التحتية، فعلا ً تحتية، ولكن ليست إلا وسائل للثراء على حساب أموال الشعب، بموافقة الحكومة ورغم أنوف أعضاء الأمة، بل حتى الحكومة تشارك ذلك وتباركه بنصيحة المستشارين الغارقين إلى زعانف آذانهم في الربح غير المشروع . 

إذن المواطن الفقير، غير المتنفذ وطنيته مشكوك فيها، وجنسيته اكتسبها بالغش والتدليس والتزوير، وبالتالي فهو من أصحاب الولاء المزدوج لأنه لا يملك مليارات أو ملايين لأنه نظيف لذلك فهو لا يصلح كمواطن لأنه لا يرتشي في مجال عمله لتمرير أوامر التغيير للمناقصات، ولا يقبل أن يخون أمانة المنصب المسند إليه ويحافظ على المال العام ويقوم بواجب وظيفته، لذا فوطنيته مشكوك فيها، وهو لا يحب الكويت، حتى لو أن أجداده قتلوا في سبيل حماية الكويت و أباءه خدموا الكويت، فيقول البعض مريض الملايين مرتزقة جاءوا من السعودية أو العراق أو إيران لذا فالوطنية لديهم مزدوجة، والسبب أن الشعب الكويتي تقدمت مفاهيمه السياسية والإدارية وأدرك أن النصب والاحتيال والتدليس الذي يلعبه طراطرة الماضي يجب أن يتوقف بكل قوة وأن التخويف بالحرب الأهلية طائفية أو قبلية ليس إلا من أجل فرق تسد، بما جعل قداح الشعوذة تتحطم على صخرة الوحدة الوطنية، وقدرة الشعب الكويتي على صد أصحاب الوطنية المزيفة بالدينار الذين لم يقدموا للكويت إلا سلب المال العام بالاحتيال . 

نرى من باب النصيحة لمن وطنيتهم تقدر بثرواتهم أن نقول لهم ارحموا أنفسكم فان لم تفعلوا فارحموا أولادكم بعدكم من أن يغرقوا في مقت الشعب الكويتي، اتعظوا بمن سلف أو على طريق العقاب الشعبي، لا تغرنكم الدنانير وسلطانها إذ سلطانها ضعيف أمام قوة الشعب، قبلكم قارون مفاتيح خزائنه تُعجز العصبة القوية حملها، وسليمان عليه السلام الريح والجن بأمره، والرسل والأنبياء والملوك ذهبوا، هل أنتم مخلدون ؟ أبدا ً بل مصيركم الفناء فماذا خلفتم؟ وماذا قدمتم؟ أحسبوا رصيدكم أمامكم، واعملوا لما ينفع لأجيالكم ووطنكم وما يخفف عذابكم عند رحيلكم إلى الدار الآخرة. 

المواطنة تضحية للوطن، ماذا قدمتم في سبيل ذلك ؟ وماذا قدم أجدادكم للكويت؟ أعلموا أن المواطنة وحب الكويت ليسا بكثرة الدنانير، بل انتماء متوارث وشعور بالفداء والتضحية لحماية الوطن، وإحساس بالانتماء للشعب وحب له، »لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه«. الكويت للجميع سنة وشيعة وبدو وحضر، قولوا الحمد لله الذي مكن لكم ما لم يمكنه لأجدادكم، واعلموا أن المواطنة ليست حكرا ً لأحد. اللهم احفظ الكويت من شر الأشرار وطمع الطامعين، وهيئ للشعب حكومة تقوم بالعدل والمساواة وتحقيق مصالحه. آمين .