أقلامهم

المقاطع: وجود الحكومة وعدمها واحد .. وتقييم الكويتية أقل من إيراداتها السنوية

حكومة مؤقتة.. وأصول «الكويتية»

كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :

إن امتداد الفترة التي تستمر فيها الحكومة المستقيلة – رغم عدم دستوريته، الذي سبق أن تناولناه مفصلا في كتابات سابقة – له بعد سياسي لافت، كما له دلالات مخيفة، هو أن حال إدارة البلد لا تختلف، سواء كانت الحكومة موجودة أو مستقيلة. فالأوضاع هي هي تماما، فكل الأمور تسير على البركة، فالإرادة والإدارة السياسية غائبتان، ومؤسسية مجلس الوزراء مُغيّبة، والفساد السياسي كما هو، وعجلة الإصلاح معطلة، واللاعبون خلف الكواليس نافذون بنشاطهم، والتسيب الإداري والفوضى ضاربان أطنابهما بكل أعمال الحكومة ومؤسساتها، و«شللية» الوزراء عنوان مستمر، وكل منهم يعمل بمعزوفة فردية لا يجمعه مع غيره من الوزراء أساس واحد، فالحكومة باختصار تتولى فقط تصريف الأعمال بصفة مؤقتة وآنية، سواء كانت موجودة أو مستقيلة، فلا فرق إذا الحال واحدة، وهو ما يشعر به الكويتيون قبل استقالة الحكومة وبعدها. 

إن التداول الذي يناقشه الكويتيون حول هذه المسألة، بشأن تشكيل الحكومة أو تأخره يكشف عن حالة من التشاؤم والإحباط الواضحين بأن وجود الحكومة في أحسن أحوالها وبكامل تشكيلها لا يختلف عن وضعها حين تكون حكومة مؤقتة، فما الجديد الذي يمكن أن تأتي به الحكومة عند تشكيلها، إن كان أمر إدارة البلد ومسلك الحكومة في هذه الإدارة، لا يختلفان، سواء كانت حكومة موجودة سابقة بالفعل أو حكومة مؤقتة، كما هو الشأن الآن أو حكومة جديدة بعد تشكيلها، إذا كان أسلوب الإدارة والتعاطي بسياسات البلد لا يختلفان في جميع الأحوال، وهو السبب الذي يدفع الكثيرين الى القول إن حال البلد لن تختلف، سواء كانت في ظل إدارة حكومة مؤقتة مستقيلة أو حكومة جديدة وموجودة، اللهم إلا من جانب واحد، وهو استيفاء المتطلبات الدستورية التي لا تجيز، كما سبق أن أشرنا، أن يستمر وضع حكومة مستقيلة لأطول من مهلة لا تتعدى ثلاثة أسابيع، كما أوضحناه في كتاباتنا السابقة. 

ولا يفوتنا أن نشير إلى أن الحكومة المؤقتة «المستقيلة» لم تلتزم أحكام الدستور بالتوقف عند حدود واختصاصات تصريف العاجل من الأمور، كما يقرر النص الدستوري صراحة، ومن يطالع قرارات مجلس الوزراء وما تم نشره في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) يدرك هذا التجاوز من الحكومة مجتمعة من جهة ومن الوزراء، كل على انفراد، من جهة أخرى. 

ويتداول الناس خبرا، مضمونه أن مجلس الوزراء قد وافق في الآونة الأخيرة على تقييم موجودات مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بمائتين واثني عشر مليون دينار كويتي (212.000.000 د.ك) ولئن صحّ هذا الخبر فإن ذلك يعني ثمناً بخساً لمؤسسة تفوق إيراداتها التشغيلية السنوية قيمة تقييمها المشار إليها، تماما كما هو بالنسبة الى حجم مصاريفها، وهو ما يعني إذا ما أضيفت الأصول والموجودات والحقوق والرخص الكثيرة والمتعددة للمؤسسة داخل الكويت وخارجها الى ذلك، يتضح أن التقييم قد جاء بثمن بخس لا تجوز الموافقة عليه، والقبول بأن تباع لأصحاب مال أو نفوذ بهذا الثمن البخس، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، وقد تبرعت الكويت بقرار من مجلس الوزراء لليابان بخمسة ملايين برميل نفط لمساعدتها في تجاوز آثار الزلزال المدمر الذي أصابها، وهي دولة صديقة تستحق مثل هذا التبرع الذي تبلغ قيمته ما بين 400 و500 مليون دولار أميركي، فإن التساؤل هو: لماذا تباع «الكويتية» بثمن قريب من هذا التبرع، وكان بالامكان أن يُقدم إسهام آخر للمؤسسة بالمبلغ نفسه ليضعها في موقع الربحية الكاملة بعد أن أصبحت مهيأة لهذه المرحلة، أو على أقل تقدير أن يكون هذا المبلغ سببا في شراء هذه المؤسسة لمصلحة المواطنين، على أن تكون القيمة الاسمية للسهم 10 فلوس، وهو ما يعني توزيع كمّ مجزٍ من الأسهم لكل مواطن؟! 

اللهم إني بلغت.