أقلامهم

نحن شعب كسول فوضوي لايعمل ولايريد لأحد أن يعمل.. الحساوي يصف مباراة الشيخ ناصر وأحمد السعدون

وائل الحساوي

لعبة الكبار

سألت الخبير الدستوري الدكتور محمد المقاطع: هل يجوز لرئيس الوزراء ان يأخذ راحته في تشكيل الحكومة؟ فأجاب بأن ذلك لا يجوز بل ان النصوص الدستورية تحدد اسبوعين في حالة الانتهاء من الانتخابات البرلمانية ومن باب أولى في حالة وجود مجلس الامة، ثم اضاف ان عدة بلدان متقدمة واجهت هذا الامر بإلغاء تكليف رئيس الوزراء الذي يفشل في تشكيل الحكومة خلال الفترة الزمنية المحددة وتكليف غيره، لكن ان يستمر التكليف دون حدود فهذه تخالف النصوص الدستورية.

ثم سألت الدكتور المقاطع: وهل يجوز استجواب رئيس الوزراء في جلسة القسم لمجلس الامة وقبل ان يمارس رئيس الوزراء اي عمل، فأجاب بأن ذلك مخالف للدستور كذلك الا ان يكون الاستجواب حول القسم، أما الفترة السابقة فهي لا تدخل ضمن الاستجواب.

بالطبع فإن استجواب النائب احمد السعدون المزمع تقديمه لرئيس مجلس الوزراء بعد جلسة القسم مباشرة يتضمن محاور كثيرة حسبما اعلن عنها السعدون وهي مخالفة دستورية واضحة، كذلك فإن تأخير تشكيل الحكومة بهذه الطريقة الساخرة هي مخالفة دستورية واضحة، وإن دلت على تلك الامور على شيء فهي تدل على انه لا احد في هذه الديرة يحترم الدستور، فرئيس الوزراء يريد تأخير تشكيل الحكومة الى أقصى فترة ممكنة لكي يضع المجلس في زاوية حرجة قبل عطلة الصيف الطويلة وحتى يتمكن من تقليل اصدامات مع حكومته المرتقبة، حيث من الواجب ان ينشغل المجلس بمناقشة الميزانيات ثم يبدأ بالتخطيط لرحلاته البرلمانية التي ستفتح أبواب العالم للكويت ليتعرف على حضارتها المتميزة وإنجازاتها الرائعة – لا سيما خطتها التنويمية (من النوم) والتي كانت تسمى بخطة التنمية – .

لقد استطاع المجلس والحكومة باقتدار ان يجعلانا نعيش بجميع مشاعرنا وأوقاتنا في مشاهدة هذه اللعبة المثيرة والتي تسمح باللعب تحت الحزام وفوقه وفي اي مكان يحدده اللاعبون، وللأسف اننا قد استسلمنا بغباء وانقسمنا فريقين مشجعين، بل وتعاركنا مع بعضنا البعض: فريق الشيخ ناصر وفريق النائب السعدون، وبعدما كنا نتحدث عن تعطل تطبيق خطة التنمية اصبحنا نردد اليوم بأن السير على البركة هو اعظم خطة للتنمية.

ان الحقيقة هي اننا شعب فوضوي وكسول لا يريد ان يعمل ولا يترك الآخرين يعملون، انظر الى حركة السير في شوارعنا لترى الفوضى الخلاقة التي يندر ان توجد في العالم، وانظر الى اماكن العمل لترى كيف يختفي معظم العاملين لهبوب ذرة من الغبار، وانظر كيف تتحول عطلة يوم واحد الى اسبوع دون مبرر، وانظر الى شكوانا الدائمة من الفقر والحاجة دون ان نحمد الله على تلك النعم التي لا تعد ولا تحصى، وانظر الى الطوابير التي تقف للحصول على العلاج في الخارج او للحصول على مساعدات بيت الزكاة لأناس مقتدرين وإلى المسجلين في قوائم المعاقين للحصول على مكافآت الاعاقة، وللحصول على الجواخير والمزارع والاسطبلات التي لا تمثل شيئا مما يجب ان تستغل لأجله وانظر وانظر…

ان هذه المشاهد التي ذكرتها لا تختلف عن مشهد الاصطفاف الذي نراه اليوم بين مؤيد للشيخ ناصر وللنائب السعدون، فهي بالنسبة للكثيرين لا تزيد على لعبة روليت روسية نتسلى بها لقتل أوقات الفراغ الكثيرة لدينا «ولقتل أنفسنا» ولتصفية حسابات لجهات متنفذة لا يهمها ان تدوس على جماجم البشر لتصل الى اهدافها الملتوية وقد تصارعنا من قبل على الرياضة وعلى شركات الاتصالات وعلى المناقصات وعلى المناصب القيادية وعلى تأسيس الشركات الوهمية.

ولكم ان تتصوروا نفسية ذلك المواطن المسكين الذي يعيش تلك المتناقضات في بلاده ويرى بلاده تغرق في كل يوم دون بصيص امل قريب، فهل تلومونه على ان يتحول الى صفوف المعارضة؟!

انها لعبة الكبار، فهم يضعون قواعدها وأهدافها وهم يتقنون لعبها، والشعب ما هو الا الدمى المعلقة من تحت تلك الخيوط، يحسب نفسه حرا في رأيه وفي قراراته لكنه يتأرجح بحسب ما يحركه الكبار!!