أقلامهم

الموسوي يستهجن فكرة الكونفيدرالية ويعتبرها نكتة

حسن الموسوي

آخر نكتة… الكونفدرالية !

قلنا مراراً إن ما يسمى بكتلة”إلا الدستور”بعيدة كل البعد عن الدستور لأن فيها نواباً وصلوا إلى المجلس عبر خرق الدستور والقانون بواسطة الانتخابات الفرعية، ولأن فيها نواباً يريدون الحرية فقط لأنفسهم مقابل قمع كل رأي يخالفهم، والآن يخرج لنا هؤلاء أنفسهم بـ”فنتك” جديد يؤكد أنهم يريدون تقويض النظام الديمقراطي وصلاحيات المجلس التي طالما تباكوا من أجلها، وهنا أعني مطالبة بعض النواب بتطبيق الكونفدرالية بين دول مجلس التعاون.

فالكونفدرالية بداية هي عبارة عن” رابطة أعضاؤها دول مستقلة ذات سيادة والتي تفوض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات”، كما ورد التعريف في “ويكيبيديا”، لكن يضيف الموقع بأنه غالبا ما تلجأ دول الاتحاد الكونفدرالي إلى اعتماد دستور مشترك، بل تتحول إلى فدرالية- أي دولة موحدة- مثل ألمانيا التي كانت عبارة عن كونفدرالية في النصف الأول من القرن التاسع عشر وكذلك سويسرا التي تحولت إلى فدرالية في منتصف نفس القرن. وغالبا ما تعنى الكونفدراليات برسم سياسات دفاعية وخارجية واقتصادية مشتركة، مثل العملة الموحدة.

وهنا أسأل من أقسموا على حماية الدستور ويدعون ذلك ليل نهار: في ظل الكونفدرالية، كيف يستطيع نائب استجواب وزير الخارجية عن سياسة ما طالما سيحتج هذا الوزير بأن السياسة الخارجية ترسم في الاتحاد الكونفدرالي؟ وهل ستستطيعون استجواب وزير الدفاع عن مساهمة الدولة في صفقة شراء طائرات “الرافال” ما دامت الكويت ملزمة بشراء طائرات معينة اتفقت عليها دول الاتحاد دون المرور على ديوان المحاسبة؟ وكيف ستستطيعون محاسبة الحكومة على كثير من القرارات المشابهة التي قد تقع تحت مظلة هذا الاتحاد؟ ألا يعد ذلك إفراغاً للدستور من محتواه، وانتقاصاً من صلاحيات مجلس الأمة وما إلى ذلك من عبارات تتغنون بها ليلا ونهارا في ندوات “الزار والدجل”؟!

فلا يكفي أن تكون دول ما متشابهة في العادات والتقاليد حتى تشكل اتحاداً كونفدرالياً، بل ما هو أهم من ذلك هو تشابه الأنظمة الحاكمة، فخلط أنظمة ديمقراطية بأنظمة غير ديمقراطية شبيه بمحاولة خلط الزيت بالماء. فالاتحاد الأوروبي فرّقته اللغات والأعراق لكن وحده تشابه الأنظمة الديمقراطية- كما قلنا سابقا في هذه الزاوية عند تناول موضوع العملة الموحدة- وعلى هذا الأساس قامت عملة اليورو، ومع ذلك لاتزال بعض دول اليورو نادمة على ضم بعض دول جنوب أوروبا للعملة الموحدة مثل اليونان وإيطاليا والبرتغال على الرغم من ديمقراطية هذه الدول لأن هناك معايير أخرى تحكم الاتحاد النقدي مثل الانضباط المالي ومكافحة الفساد.

إن طرح موضوع الكونفدرالية في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة ما هو إلا عبث وتهور ودليل على أن الموضوع يراد له أن يكون باباً من أبواب تصعيد الصراع وخلق مناخ أكثر تأزما وكل ذلك من أجل مصالح الدول الغربية. ودول الخليج مازالت بعيدة جدا عن الوصول إلى متطلبات الاتحاد الكونفدرالي وأكبر دليل على ذلك الاختلاف في شأن العملة الموحدة، إذ تركت عمان الركب في وقت مبكر، وتبعتها الإمارات بسبب الاختلاف على مقر البنك المركزي إضافة إلى فك الكويت ارتباطها بالدولار، ويخطئ من يظن أن بإمكاننا الحفاظ على مكتسباتنا الدستورية في ظل هكذا اتحاد سيكون في النهاية تحت سيطرة دولة واحدة بحكم مساحتها الجغرافية الواسعة.