أقلامهم

الدعيج يقترح الاستفادة من علاقة مصر الجديدة مع ايران بتحويل الصراع من فتنة إلى مصالح

عبداللطيف الدعيج 

من حق مصر الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع من تشاء

إذا كان صحيحاً أن دول الخليج العربية لديها «امتعاض» او حتى تحفظ على العلاقة المصرية ـ الايرانية المستأنفة، فعلى سياساتنا ودبلوماسياتنا الخارجية السلام. إذ ان من أبجديات العمل السياسي والرغبة الصادقة في تجنب الصدام، هو الاحتفاظ بشعرة معاوية مع الآخرين. اللهم إلا اذا كانت هذه الدول قد حسمت امرها ووضعت ايران في خانة العدو الدائم، في هذه الحالة على دول الخليج حسم الصراع الآن قبل الغد وقبل ان تمتلك ايران قنبلتها الموعودة.

إن مصر دولة لها مصالحها، وخياراتها الخاصة، وهي الى حد ما أكثر عراقة وإلماماً بالسياسات والصراعات الدولية من دول الخليج الناشئة، مع ان هذا لا يعني الكثير، الا انه من المفروض ان يشجع على احترام الرغبة المصرية اكثر من معارضتها. لقد لعبت مصر في منتصف القرن الماضي، ايام المد الناصري، لعبت الحامي «الصوري» للشقيقات الصغريات، «كل اعتداء على (العراق، سوريا، ليبيا) هو اعتداء على جمهورية مصر العربية»، اليمن وحده كانت الحماية المصرية له حقيقية. اليوم وبعد تنامي ثروات الدول النفطية وفي ظل المد الديني المتطرف الذي تقوده دول الخليج وتنظيماتها الارهابية مجتمعة، فان القيادة ولعب الادوار الابوية اصبحا في يد دول الخليج اكثر منها في يد الدول العربية «الكبرى»، خصوصا بعد الوهن العراقي السياسي والعسكري والمدني الذي تمثل في تغيير واجهة الحكم.

لذا، فإن على هذه الدول ـــ اي دول الخليج ـــ ان تتدبر امرها بنفسها، لأن تحديد الاهداف والرغبات وحتى المساومات بيدها لا بيد مصر كما كان الحال في السابق. وبما ان «العصمة» اليوم بيد الدول الخليجية فان الافضل الاحتفاظ بمصر صديقا وقريبا من ايران، فقد تؤدي هذه الصداقة الى تبريد العلاقات مع الدول الخليجية وقد تؤدي أكثر الى «مصلحة» الصراع بدلا من «عرقنته» او «مذهبته». بمعنى ان وجود علاقات طيبة بين دولة عربية وايران سيقنع الجانبين بان الصراع هو على مصالح مؤقتة وآنية وليس صراعا بين عرب وفرس او شيعة وسنة، وهو ما تقوده بغباء بعض المجاميع المتخلفة في دول الخليج وتريد جر مصر إليه.