أقلامهم

سعد العجمي يكشف سر سبر

في جميع الآراء والمواقف السياسية، أنا على استعداد أن أذهب مع الزميل محمد الوشيحي “مؤيدا” إلى حدود القطب الجنوبي، أما في الأمور الشرعية فإنني آخذ أول فتحة “فوق تحت” ألمحها في الطريق، وأعود تاركا أباسلمان يواجه مصيره المحتوم، مكتفيا بالفرجة عليه، وهو يتلقى السهام من كل حدب وصوب، وأتمتم بيني وبين نفسي “هذا والله المقرود”.

الوشيحي صعلوك “ستايل” في القرن الحادي والعشرين، ولو أنه عاش فترة صعاليك ما قبل الإسلام لكان اسمه “تأبط قلما” على غرار ” تأبط شرا”، لكنه سيخذل قومه الصعاليك، الذين يواجهون أعداءهم بصدور عارية تستقبل السيوف والرماح بينما هو منشغل بمداعبة الغواني والحديث معهن في بيوت “الرايات الحمر”.

على أن المعركة إذا اشتدت على عروة بن الورد والسليك بن السلكة والصعاليك الآخرين، وأدركوا أنهم هالكون لا محالة، ووصل صياحهم إلى صاحبهم المنهمك مع “المترفات” هبّ لنجدتهم شاهرا سيفه، راكبا حصانه، يميزه وشاح أحمر يرتديه، يجندل الفارس تلو الآخر، فيهرب الأعداء من “ذوي الوشاح” نسبة إلى عائلته “الوشيحي”.
 
وعلى ذكر اسم الوشيحي فإن كثيرين اختلفوا حول هذه العائلة عندما بدأ “أبو سلمان” الكتابة في الزميلة “الراي” بين من يقول إنه من أهل العديلية، وآخر يحلف بأغلظ الأيمان أنه يسكن قطعتهم في الشويخ السكنية، دون أن يعلموا أنه تصعلك بين “محولات” و”براحات” الصباحية، بعد أن هاجر أجداده قبل مئات السنين من صعدة اليمن حيث يكثر الحوثيون هناك.

شخصية الصعلوك شخصية متذمرة، متمردة، ترفض التقييد وتعشق الخروج على كل ما هو مألوف، لكنها أبية، كريمة، وهي جينات وراثية استشرت في جسد الوشيحي، فسببت له الكثير من الصدامات والمناكفات مع الآخرين، لكنها مواجهات سلمية بعد أن حل القلم مكان السيف.

ليست لدي معلومة دقيقة، لكنني أكاد أجزم بهذا المنظر كل أسبوع على الأقل (في مكتب رئيس التحرير الوشيحي بدون غترة يدخن بشراهة بوجود رئيس التحرير ومالك الجريدة وآخرين في أجواء مكهربة وهم يقولون ما نقدر ننشر هذا المقال إنت من صجك، إنت صاحي ولا مجنون، وهو يصر على موقفه ينشر يعني ينشر، وبعد ساعة يصلون إلى حل وفق قاعدة “لا يموت الذيب ولا تفنى الغم”، ويختتم الحديث بجملة: “وين تبونا انتعشى”).

ولأن المغامرة جزء من شخصية الوشيحي فقد قرر هو والزميل “الثقيل” سعود العصفور إصدار جريدة إلكترونية، متخذين من مقولة “علي وعلى أعدائي” شعاراً لهما في هذه التجربة الجديدة، التي أتمنى لها النجاح، وأن تضيف جديدا لوسطنا الإعلامي الذي شوهه الدخلاء وأصحاب المصالح والأجندات وفاقدي المهنية والأخلاق الصحفية.

جريدة سبر التي ستطل على القراء اليوم، لي معها علاقة حميمة من نوع خاص، فهي آخر ما رزقني الله من البنات لأنني من أطلق عليها هذا الاسم، فيما تكفل الوشيحي والعصفور بشراء “التميمة” وذبحها وطبخها وتحمل كل نفقات المائدة، لذلك فإن نجاح أو فشل الجريدة لا سمح الله سيطولني بشكل أو بآخر.

اخترت هذا الاسم لسببين: الأول أنه يعني سبر أغوار الخبر، والتحقق منه، والغوص في تفاصيله، وتقديمه للقارئ بصورة متكاملة وشاملة، والثاني أن العرب أيام جد الوشيحي “بريمان” كانوا يغزون بعضهم بعضا، وكانت كل قبيلة أثناء تلك الغزوات لها “سبر”، وهو الشخص الذي يكون في مقدمة القوم بمسافة متوسطة يرصد الأعداء، ويحصر عدتهم وعتادهم ومواقعهم، ثم يعود ليخبر قومه، أي أنه بمنزلة كتيبة استطلاع في المسميات العسكرية الحالية، واليوم نحن نحتاج إلى من يذهب ليبحث عن الخبر ولا ينتظره.
 
على كل أتمنى التوفيق لـ سبر وأصحابها، وأن تكون رافدا من روافد الإعلام الحر، ولننتظر فلربما تؤسس هذه الصحيفة الإلكترونية لمدرسة جديدة في عالم الصحافة اسمها “صعلكة الخبر”، فالصعاليك اشتهروا بالدفاع عن المظلومين والمستضعفين وحمايتهم من كل جبار متنفذ منتفخ كرش، وما أكثرهم اليوم!!