أقلامهم

من يحاكم ضباط أمن الدولة .. العوضي يروي مأساة رجل قضاء فصل من عمله رغم عدم إدانته

محمد العوضي

من يُحاكم ضباط أمن الدولة؟

مشكلتي مع هذه القضية بالذات انني أحد اهم الاطراف فيها بعد الشخص المعني، ولعل القارئ لا يهمه ان يعرف أنني أنتمي وجدانيا إلى المدرسة (الواقعية المثالية المتشائمة) لاسباب عديدة ليس هذا مكان شرحها ولكن هذه الحادثة التي سأعرضها كرّست عندي انتمائي الوجداني الواقعي، وإليكم أيها الكرام وإلى المسؤولين من قبلكم أقول بعد ان قلبت الأمر كثيرا:

لما كان الدستور قد احاط حريات الناس وضمانات الافراد بسياج منيع من الحقوق والواجبات التي قررها لهم ليكفل لهم حياة كريمة لا تستباح فيها حرياتهم أو تنتهك سريتهم فيها تحت مبررات واهية، ثم قرر حماية لتلك الضمانات حقوقا تحميها ومنها حق التقاضي الذي كفلته المادة (166) من الدستور للجميع الا الشخص الذي أتكلم عنه في هذا المقال! فهل يعقل ان يتقدم ضابط أمن دولة برتبة عميد ببلاغ ضد رجل قضاء ليستقبل ذلك البلاغ وتسجل على اثره قضية وتطلب التحريات ويحقق مع جميع اطرافها الا رجل القضاء المتهم فيها ليتمكن من حق الدفاع، فهي أبسط ضمانات الدفاع لاي متهم فما بالكم اذا كان هذا المتهم يتمتع بحصانة قضائية! ثم بعد ذلك يفصل من وظيفته بقرار وزير العدل بسبب تلك القضية الجنائية التي لم يحقق معه فيها ولا يوجد دليل عليها انما مجرد اقوال مرسلة بل وعلى الرغم من ان جهة التحقيق والتي لم تحقق معه في القضية قد قررت انها لا تشكل جريمة ضده! فكيف نستوعب قضية جنائية يبرأ منها صاحبها ثم توقع عنها عقوبة إدارية مجحفة دون ان يجري معه حتى تحقيق اداري، ناهيك عن عدم التحقيق الجنائي معه قبلها! بل الادهى والامر ان يسلب منه حق التقاضي بعد ذلك بعد ان تقدم بقضية بلاغ كاذب وشهادة زور وسب وقذف ضد ضباط امن الدولة الذين كالوا ضده الكذب، وكنت أنا الشاهد في القضية التي اخذت الرقم (206/2010 جنح الصالحية)، لتوضع شكواه ضدهم في الادراج على الرغم من انها اخذت رقم قضية لابد من التصرف فيها، اما بالحفظ وإما الاحالة للمحكمة وفقا للمادة رقم 102 من قانون الاجراءات، بل وتصدر له قرارات قضائية وتخرق ولا تنفذ! بل ويصد عن شكواه الجنائية وينصح بالاكتفاء بأن يتقدم بدعوى إدارية ويصرف النظر عن محاكمة الضباط! طيب هذه حقوقه الدستورية وهو الذي يتخير بينها، لا ان يسلب من حق ويرغم على الاخر! ثم لماذا هذه الحماية للضباط من ان يحاكموا وكأنهم يتمتعون بحصانات ديبلوماسية مع ان الطرف الاخر هو الذي كان يتمتع بالحصانة القضائية والتي خُرقت على صفيح كذبهم لينتهي الامر إلى فصله من وظيفته، دون اعلامه بأن هناك قضية قد سُجلت ضده، ناهيك عن التحقيق معه فيها لتوقع عليه تلك العقوبة الادارية المجحفة دون ذنب ارتكبه، مع العلم بأن المفصول لا يجوز اعادة تعيينه ما لم يمض على قرار فصله ثلاث سنوات على الاقل وفقا للفقرة السادسة من المادة الأولى من نظام الخدمة المدنية (1/6 نظام الخدمة المدنية).

وقد سبق ان ألمحت للموضوع في مقالي (القضاء على عصابة القضاء) بتاريخ 16/2/2011 وطلبت ان يُمكن الشخص المعني من حق التقاضي الا ان احدا لم يحرك ساكنا سوى مواساة مصدر رفيع المستوى من وزارة العدل الذي نقل لي حزنه وأسفه الشديدين من الظلم الذي وقع على هذا الإنسان وانه نقل ذلك لوزير العدل في حينها وإلى اليوم الامر على ما هو عليه.

لذلك اتمنى أن يحصل الشخص المعني على حقوقه الدستورية والقانونية ويمكن من مقاضاة الضباط، والشخص ومستنداته على أتم الاستعداد للادلاء بما لديه وأنا أبرز الشهود على قضيته والله المستعان.