في بيانه الذي حسم الجدل بشأن وفاة زعيمه أسامة بن لادن، فإن تنظيم القاعدة عبر ذلك البيان الرسمي الذي بثته مواقع إسلامية عدة حول العالم أمس قد تضمن ألغازا ومفارقات عليها مرور الكرام، وهو تسبر ((سبر)) أغواره في هذا التقرير، إذ أن تأكيد وفاة ابن لادن كانت الأهم بعد موجة تشكيك قوية بوقوع عملية عسكرية قنصت ابن لادن، وجعلت “القاعدة” بلا رأس، إذ يبدو حتى الآن أن التنظيم يعيش أسوأ أزمة داخلية منذ تأسيسه.
فبيان تنظيم القاعدة يحذر الولايات المتحدة الأميركية من المساس بجثة زعيمه ابن لادن، بل وتحثها على تسليم جثمانه لذويه، علما بأن القيادة الأميركية قد اتخذت قرارا بإلقائه في البحر بعد نحو ساعتين من خطاب للرئيس الأميركي باراك أوباما حول سير العملية، وهو ما يعني بأن قادة في التنظيم قد كتبوا هذا البيان بمجرد علمهم بالغارة الأميركية على مخبأ بن لادن، لكن بث هذا البيان استغرق نحو خمسة أيام، إذ أن البيان لم يأت مطلقا على المصير الذي آل إليه جثمان ابن لادن، وعما إذا كانت طريقة الدفن هذه ستكون محور بيان تصعيدي جديد للتنظيم، بعد تهديد تقليدي كررته القاعدة مرارا في السنوات الأخيرة.
وما يؤكد وجود أزمة عميقة لدى التنظيم على صعيد الاتصال والتواصل فإن بيان التنظيم كشف بأن أسامة بن لادن قد أعد تسجيلا صوتيا له يهنئ فيه الشعوب العربية التي تحررت من أنظمتها، ويبشر من تتواصل ثوراتهم بالنصر والفرح، إذ يكشف بيان التنظيم بأن أسامة بن لادن قد سجل الشريط قبل أسبوع من وفاته، وبعد أسبوع من تنفيذ العملية فإن تسجيل ابن لادن قد مر عليه أسبوعان، دون معرفة الوقت المتبقي لبث هذا التسجيل، وهو يعني ضمنا أن رجال القاعدة على الأرض المكلفين بنقل هذه التسجيلات يعانون من صعوبات هائلة في التنقل.
ويمكن التوقف عند حقيقة مهمة وهو أن التنظيم إذا كان يجد صعوبة في تمرير تسجيلات صوتية، أو بث بيانات من خلال بريد إلكتروني إلى أي وسيلة إعلامية حول العالم، فإنه يستحيل نظريا أن تمرر القاعدة لأنصارها أوامر بتنفيذ ضربات من العيار الثقيل الذي تستوجب نشاطا على الأرض، ولقاءات واجتماعات، وهو ما يعني أيضا أن التنظيم قد تعرض لضربة مؤلمة للغاية.
أضف تعليق