خلود عبدالله الخميس
الاصطفاف الـ«بن لادني»!
لم يكن مقال «آه لو كنتُ زوجته» أفضل ما كتبت، ولكنه كـُـتب بكل معاني الاستـثـناء، فتكفـّـلت « أسامة فوبيا» بكلمات بسيطة جدا تـُغلـّـفها لغة البوح، لتصّيرها حماما زاجلا حط فوق المكتب البيضاوي، لداعية «التغيـير» المُفترى!
ذاك الذي بارك نهج «شرعنة» اغتيال العُزَّل، ممتطيا «دابـّة» الأمن القومي، وحجز مقعدا في غرفة يتابع تصفية جسدية لرمز إسلامي، شاء من شاء، وأبى من أبى، في حين باع حُـكام الأمة مقاعدهم في الاحترام والكرامة! ليلاحقوا ميادين الأشراف، فلا فرق بينه وبينهم، إنها المنهجية نفسها، تصفية «المخالـفين» عبر شاشات بغـُرف، أو بساحات الحرية! خدمات يتبادلونها، بعضهم لبعض باسم الديموقراطية!
لقد أراد الله أمرا، لا أعلمه، من انتـشار تداعياتي النفسية، ولكني تعلمتُ منه أننا أمة مختطـَــفة، وتحريرها يتطلب أصدق من عملية «كوماندوس هوليوودية»! وأعمق من دفن فوق سطح البحر بمراسم إسلامية!
لقد هتك المقال ورقة التوت من عورات دميمة، باركت قـتل مسلم موحّد، وكشفت النقاب عن وجوه مستبشرة باستشهاد «شيخ المجاهدين»، وفي كلتا الحالتين، فقد عكس حال الأمة، فكريا ومنهجيا وعقـَديا، وبيَّـن أن الأمة الوسط، لا توسُّــط عندها!
لقد اختلفت تفسيرات ما كتبت، وكأن الكتابة تــُفسَّر! ومارس القراء هوايتهم المفضلة بالاصطفاف «كالعادة» بين «بن لادني»، و«لا بن لادني» واشتعل التراشق فيما بين الفرقـتين، وكنتُ مجرد مشاهدة لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، فجنح أهل «المصطلحات» إلى التكفير والتفسيق، وأشهر أتباع «يقولون ما لا يفعلون» ألسنتهم، وتفوق مريدو «فرويد» في السقوط لقعر الهاوية مع مرتبة القرف! وكل فرقة نضحت بما فيها! معارك كلامية بين كرّ. وفر، وبالتأكيد كان النصر في الحرب للأغلبية، وهم من الصالحين!
أثناء العاصفة، اعتنقتُ «الاصطفاف السنبلي» فهي تـتراص سنبلة سنبلة، تـتآزر وتستعد للانحناء للعاصفة، وعندما تمرُّ متجهة إلى زوبعة أخرى، يبزغ أجمل مشهد، عودة السنابل شامخة!
يومها قرأتُ كتابا في تاريخ الدولة الأموية، أتممتـُه وكان من مئات الصفحات! روعة العواصف بخواتيمها!
في اليوم الثاني من محاكمة «حلمي»، أفقتُ لأقرأ ما تيسّر مما يقولون، وجدتُ أن كلهم على حق! فمن يفكر بالنموذج التـقاه، ومن ناصَـرَ رجلا نعاه، ومن يبحث عن الإباحية وجدها، هكذا هم البشر كلٌ جعل إلهه هواه! وكل ذلك في أمر قد قـُدر! فكيف نكونُ «خيرَ أمة أخرجت للناس» بالله عليكم؟
جميلٌ إحساسنا ببعض، وعظيم نزع ثوب الجاهلية، وإن كان لكل قول قول لاحق، ما بقي من الحبر ما نقيم به أصلاب الفكر! في الضرورات يُباح الصمتُ إجلالا للبشرية ودرءا للمحظورات!
سيبقى مقصد ما كتبتُ دراً في القاع، وكلماتي مُــرَّ على رسمـها فقط، واللغة تمّ تجاوز بلاغتها، والحمد لله المحيط بالنيات وحده، ولو أوْكلَ قراءتها للناس، لقطـّعوا بعضهم تخمينا وتأويلا!
أضف تعليق