أقلامهم

الكويتيون شبّوا عن الطوق برأي أحمد الديين

الحراك الشعبي!

كتب احمد الديين

شهدت الكويت خلال العامين الماضي والحالي حراكا شعبيا واسعا ومتناميا لا يمكن تجاهله، وهو حراك شعبي أصيل لم يستوحه أحد من الخارج، إذ إنّ دوافعه وطنية واجتماعية نابعة من الواقع الكويتي ذاته، بل لقد انطلق هذا الحراك الشعبي الكويتي في فترة سابقة على اندلاع الانتفاضات الشعبية العربية، ولم يكن تقليدا أعمى لها، مثلما وصفته إحدى النائبات في تصريح بثّته الخدمات الإخبارية الهاتفية!

ويمكننا أن نسجل قائمة طويلة من فعاليات هذا الحراك الشعبي الكويتي، بدءا من تجمعات “ارحل نستحق الأفضل” التي أطلقها عدد من الناشطين الشباب، وما يلفت النظر فيها أنّ شعار “ارحل” كان إبداعا شبابيا كويتيا جرت استعارته عربيا… مرورا بالتجمعات والمسيرات المعارضة لقانون الخصخصة التي شهدها الشارع المقابل لاتحاد عمال البترول في الأحمدي و”ساحة الإرادة” في شهري إبريل ومايو من العام الماضي، والتجمعات والمسيرات الرافضة لنهج الملاحقات السياسية لمعارضي رئيس مجلس الوزراء تحت غطاء قانوني التي شهدتها ساحة “قصر العدل”؛ و”ساحة الإرادة”؛ والطريق الدائري الخامس قرب الأندلس؛ وميدان حولي قرب اتحاد العمال، وقاعة الدكتور عثمان عبدالملك في كلية الحقوق بجامعة الكويت، وكذلك من بين مظاهر الحراك الشعبي تجمع شباب مجموعات القراءة الذي شهدته ساحة أرض المعارض لشجب التعسف الرقابي المعيب في معرض الكويت للكتاب… وصولا إلى التجمعات والندوات الحاشدة للاحتجاج على إهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية للنواب في القضية الكيدية المرفوعة ضد النائب الدكتور فيصل المسلم، وما تبعها لاحقا من تجمعات وندوات للاعتراض على الممارسات القمعية التي استهدفت النواب والمواطنين المجتمعين في ديوان النائب الدكتور جمعان الحربش، وكان أبرزها ذلك التجمّع الحاشد في “ساحة الصفاة” مساء يوم الرابع من يناير الماضي… وانتهاء بالتجمعين الشبابيين الأخيرين بالقرب من “ساحة الصفاة” والمسيرتين الحاشدتين اللتين انطلقتا بعدهما إلى مجلس الأمة للتعبير عن الرفض الشعبي للعبث السلطوي في الدستور وتعطيل أدوات المساءلة البرلمانية بالتأجيل الطويل لمناقشة الاستجواب الموجّه إلى رئيس مجلس الوزراء.

إنّ هذا الحراك الشعبي المتنوع والمتنامي دليل واضح على حيوية الشعب الكويتي؛ ومؤشر على نمو وعيه السياسي والاجتماعي وتفاعله مع القضايا العامة وإصراره على التعبير الحرّ عن آرائه ومواقفه واعتراضاته عبر التجمعات والمسيرات السلمية التي تمثّل أحد أهم أشكال الممارسة الديمقراطية… ولابد هنا من دحض الادعاءات والتبريرات السلطوية المتخلفة التي انخدع بها البعض وأصبح يرددها عن حسن نيّة حول ضرورة حصر العمل السياسي في قاعة عبداللّه السالم وحدها والاكتفاء فقط بالآليات البرلمانية ورفض ما يسمى “اللجوء إلى الشارع”، حيث يتجاهل هؤلاء، وقبلهم تتجاهل السلطة، حقيقة أنّ الأمة هي مصدر السلطات جميعا وليس نوابها، كما تتجاهل السلطة ومعها المنخدعون بادعاءاتها حقيقة أنّ الديمقراطية لا يمكن أن تنحصر في التصويت الانتخابي والآليات البرلمانية، خصوصا في ظل الإفساد السلطوي والواقع المشوّه للممارسة البرلمانية، وإنما الديمقراطية هي بالأساس حريات مكفولة وحقوق مصانة ونظام سياسي مؤسسي مكتمل… ويكفي دليلا على تهافت الادعاءات السلطوية المعترضة على الحراك الشعبي أنّ الشعوب في البلدان المتقدمة ذات النظم الديمقراطية البرلمانية والرئاسية تمارس حريتها وحقّها في التعبير المباشر عن آرائها ومواقفها واحتجاجاتها عبر التجمعات الجماهيرية والمسيرات والمظاهرات الحاشدة وذلك على الرغم من وجود برلمانات عريقة في بلدانها أوفر ديمقراطية وأوسع سلطة من مجلسنا القاصر.

باختصار، لقد شبّ الكويتيون عن الطوق!