أقلامهم

النجاحات الكبيرة للتيارات الإسلامية جعات مراكز الدراسات الأمريكية تحاول عرقلتها .. عبد الرحمن الجميعان

عبدالرحمن الجميعان

التيارات الإسلامية… رؤية نقدية! (1)

قدمت التيارات الإسلامية وعلى مدى ما يقارب أكثر من قرن الكثير من التضحيات والنجاحات التي أذهل بعضها الراصدين والباحثين حتى باتت بعض مراكز البحث الأميركية تعلن أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام، وحتى بات بعضها (راندا مثالاً) يضع الخطط الاستراتيجية لعرقلة التقدم الإسلامي.

كل هذا النجاح والقدرة مع قلة الكوادر الفاعلة والتضييق الشديد،فكيف لوصاحب ذلك وعي بالمراحل وقيادة وثقافة وقدرة على الوصول إلى مراكز القرار؟

مع كل هذا إلا أن هناك جوانب كبيرة نرى التيارات الإسلامية قد قصرت فيها، لماذا تيارات وليس تياراً؟

سؤال مشروع في مثل هذا الطرح، مع أننا نرى هذا التشابه الكبير بين فصائل الحركة الإسلامية.

هناك جوانب نقص لابد من التعرض لها بتفاصيل دقيقة، ولكن في مثل هذه المقالات لا نستطيع تلمس الجوانب بالعمق المراد، ولا وقت القارئ ولا قدرته على المتابعة يشجعان على مثل هذه الأطروحات، لهذا فسنقتصر على وضع لمسات محدودة كي نرى المواطن التي أصابت الخلل في الجسد الإسلامي الحركي بتعدد فصائله.

من الأمور التي باتت لا شك فيها بأن الحركة الإسلامية لا تعبر عن توجه واحد، بل هي وجوه متعددة، بل إن التجمعات والجماعات هي في نفسها متشظية، وهي تتوالد كل فترة جراء الأحداث العالمية.

بقيت هناك مواطن الخلل في جسد الحركة الإسلامية لابد من وضع اليد عليها وعلاجها معالجة دقيقة وواعية وحقيقية، من هذه المواطن:

– ضعف الاستقطاب فلاتزال الحركة الإسلامية بعيدة عن هموم المواطن العربي، ولاتزال الحركة في منأى عن استقطاب الشارع، ونلاحظ أن هذه الحركة قد ضعفت في استجلاب الشباب بل نرى زهدها اليوم فيهم، وهذا يدل على قلة الوعي بقدرة هؤلاء الشباب، فهم وقود المجتمعات وأداة تحركها الاجتماعي والسياسي، وسبيل تنميتها.

– ضعف البنى التنظيمية والإدارية:

ثمة كثير من التنظيمات الإسلامية لا تزال تعيش على إرث الماضي، وعلى الفكر الإداري والتنظمي القديم ولم تجدد في بناها التنظيمية والإدارية، وبعضها لا يعمل في الأصل تحت معطيات الإدارة فضلا عن الحداثة وتتبع المستجدات الإدارية.

وهناك العمل الإسلامي الذي ينقص الكثير منه العمل المؤسسي القائم على فهم عناصر الإدارة والقيادة والمترابط من خلال الهياكل الإدارية والإدارات المؤسسية، هذا فضلا عن ضعف الدور الرقابي بعمومه، وعن التوصيف الوظيفي لكثير من العاملين في هذا الحقل.

– النزاع والشقاق مع المختلفين في المنهج الحركي:

الإسلام يسع الجميع والدين مساحته واسعة للتباين والاختلاف، أرض الله واسعة للعمل، ولكن مع كل هذا وذاك، فنرى التيارات الإسلامية والجماعات في نزاع دائم، وقد يصل بهم الأمر إلى تكفير أو تفسيق بعضهم بعضا.

إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن التوافق العقدي والفقهي متواجد، والاختلاف يكمن فقط في الفهم والمنهج الحركي والعملي، وهذا لا يسوغ النزاع ولا الشقاق ولا التباغض ومحاربة الآخرين، ولكننا نلاحظ ذلك كثيراً في فصائل الحركة الإسلامية، ويصل ببعضهم النزاع بالاتهام بالعمالة والممالأة للغرب أو الأنظمة.

ومنهم من يتخذ المشايخ أداة لتنفير الناس ممن يختلف معه، إنها مأساة كبرى تعصف بهذه الفصائل فتجعلها أعداء بعد أن جمعها هذا الدين العظيم.

– النقص والضعف في تكوين رؤية مشتركة متفق عليها بين هذه الفصائل في المسائل الحركية في التغيير والعمل في المجتمع.

وهذه قضية غاية في الأهمية، لأن التباعد بين الرؤى يباعد العمل ويحرف المسيرة ويؤسس للاختلاف، ما توحيد أو تقارب الفهم والوعي وتقريب وجهات النظر يعين على توحيد العمل المشترك، ويوحد الجهود نحو هدف واحد محدد.