أقلامهم

الشايجي يصنف نفسه أمريكيا حتى العظم

صالح الشايجي

غلمان في حضرة سلطان

كنت وسأظل اتّبع الحق أينما كان ومهما صعبت درجة التزام جادته.

لا أمشي مشي الغواية ولا أقتفي أثر الغاوين.

أصنف نفسي ـ إنسانيا ـ أنني أميركي حتى العظم، وذلك لأنني أرى «المشروع الاميركي ـ الاوروبي» هو المشروع الانساني العدل وهو المشروع الدنيوي الذي يخدم الحياة وأهلها ويرسي مبادئ العدالة وكفالة الحقوق للبشر كافة بغض النظر عن الانتماء العرقي والديني والمذهبي، وذلك ما تحقق فعلا ليس بدءا بمناصرة الافغان ضد محتليهم الروس في ثمانينيات القرن المنصرم بل سبقتها نصرتهم للرئيس المصري جمال عبدالناصر عام 1956 ضد بريطانيا وفرنسا واسرائيل وتحرير مصر من ذلك الاحتلال الثلاثي، وتكر السبحة وتتعدد حباتها والاستشهادات كثيرة وأصعب من أن يحتويها مقال، ولعل أقومها بالنسبة لي تحرير بلادي من «شقيقي» المحتل.

هذا الاندفاع الذي يطوي بين تضاعيفه ايمانا بالواقعية السياسية الاميركية والاتفاق معها بالمبدأ والالتزام بها، لا يجعلني أخرس وأنا أرى عوجا في هذه السياسة التي حادت عن العدل الى جادة اللاعدل والانحياز المخجل بل والمتهتك والذي تجلى في ذلك المشهد «الكونغرسي» المذل والمعيب حين وقف أعضاء الكونغرس الاميركي وقفات متعددة والتصفيق يلهب أياديهم وفرح كبير يغمر قلوبهم حتى بدوا وكأنهم غلمان في حضرة سلطان، وما كان هذا السلطان الا السيد «بنيامين نتنياهو» رئيس وزراء اسرائيل الذي كرّس في خطابه أمام الكونغرس ظلما واضحا وبينا وجورا لا تطيقه النفس البشرية وتأباه فطرتها.

جاءهم طاووسا نافشا ريشه، مزهوا بينهم متعاليا عليهم، بينما هم سادته ومطعموه وكاسوه والمغدقون عليه من مالهم وزادهم.

لا أقول ذلك نصرة للفلسطينيين ـ لأنهم شركائي في الدم والدين والجغرافيا والتاريخ ـ ولكنني أقوله نصرة للحق الذي ألزمت نفسي اتّباعه واتّباع من سار على جادته والتزم مساره.

وما حدث في الكونغرس الاميركي كان مذبحة للحق وترخصا وتزلفا، يتعين على رعاة الحق الاميركيين التحلل منه والاعتذار عنه.

انها ليست زلة تُغتفر، بل هي خطيئة تجر الويلات على اسرائيل نفسها التي لن يكون من مصلحتها تهييج النفوس الثائرة على حدودها من كل صوب.