أقلامهم

العقوبات المالية للتعدي على الوحدة الوطنية – برأي ذعار الرشيدي- تعتبر دخلا وطنيا جديدا الى جانب النفط، ويعتبر أن مكونات المجتمع الكويتي غير

حضر وبدو وشيعة الكويت.. غير


ذعار الرشيدي
وأخيرا قررت حكومتنا ان يكون لخزينة الدولة مصدر دخل آخر غير النفط، وذلك بعد ان قررت ان تكون غرامة المسيء للوحدة الوطنية 100 ألف دينار، ودع عنك الحديث عن سجن السنوات السبع، ولنتحدث عن الغرامة التي أجزم يقينا بأنها في حال تم تطبيقها بقانون فمعناه ان دخلنا السنوي من غرامات «المسيئين» سيتجاوز الـ 300 مليون دينار سنويا (مليار دولار أميركي.. نوط ينطح نوط)، ولكي نحقق المليار الأول من تلك الغرامات علينا ان نجد 3000 شخص يسيئون للوحدة الوطنية بالمفهوم «الضبابي» لهذه التهمة، وفي ظل المشهد السياسي القائم هذه الأيام، أعتقد انه من السهل جمع هذا الرقم وبسرعة قياسية ومنهم كتّاب صحف وأصحاب قنوات فضائية ومذيعون وشيوخ دين (من الطرفين) وفئويون وطائفيون، وكل مراهق خرج على «تويتر» أو «فيس بوك» أو «اليوتيوب» ليلقي كلمة هنا أو جملة اعتراضية هناك أو تعليق حماسي وفي «تويتر» وحده ومع «ضبابية» التهمة المطاطة جدا التي تصلح لجميع المقاسات يمكن ان تجمع في يوم واحد بين 100 و200 شخص.
حكومتنا يبدو انها لا أعضاؤها ولا مستشاروها يفهمون أو حتى يعوا محاربة الأفكار، الأفكار المشاعة لا تحارب بالغرامات، ولا تلاحق آراء الناس مهما «بدت متطرفة» عبر التغريم والسجن، بل بمزيد من الانفتاح بالاستماع لتلك الأفكار بشكل علمي لا بطريقة القبضة الحديدية، فلا يوجد في التاريخ كله ان القبضة الحديدية مهما قست تمكنت من قتل الفكرة أو تذويبها، ويبدو ان حكومتنا لم تسمع بمصطلح «التعايش» وعامة بدلا من ملاحقة الأفراد كتاب ومدونين ومغردين و«فيسبوكاوية» وإعلاميين عليها ان تلاحق منابع ضرب الوحدة الوطنية ومشعليها وأعتقد انها تعرفهم جيدا وبالأسماء وتعرف القنوات والوسائل الإعلامية التي ترعاهم وتسعى لظهورهم بين الفينة والأخرى، ولم تعد اسماؤهم خافية على أحد، خاصة ان بعضهم لاحقت الحكومة تهمة انها كانت تقوم بشحمها ولحمها على رعايته و«تسمينه» من أجل ضرب احدى فئات المجتمع.


مبدأ «اقضب لسانك» سهل التطبيق، ولكنه اسلوب يأتي بنتائج هشة مؤقتة، فسكوت اللسان لا يعني موت الأفكار، ولم نسمع عن فكرة تموت فالحضري سيبقى حضريا والبدوي سيظل بدويا، والسني سيمارس تسننه عملا وقولا وفعلا وكذلك الشيعي ايضا والمسيحي مثلهما، لا أحد بطبيعة الحال يرضى بالمساس بأي من المنتمين لتلك الفئات، لا يوجد عاقل يقول بهذا، ولكن الأفكار تبقى «وخلجات النفس» تخبو ولا تموت، والناس على دين آبائهم، الحل وحده يمكن من خلال اشاعة فكر التعايش الوطني وهو الأمر الذي فشلت فيه الحكومة وما يحدث اليوم من تراشق ما هو الا نتيجة لفشل التعاطي الحكومي مع قضية المواطنة بأكملها.


يبقى أمر يجب ألا نغيبه ان شيعة الكويت ليسوا هم شيعة ايران ولا العراق، وسنة الكويت ليسوا كالسنة في البلدان الأخرى.


وحضر الكويت لا يشبهون حضر المدن الخليجية الأخرى، وبدو الكويت أيضا لا يشبهون البدو الآخرين، فهناك عامل مشترك بين كل هؤلاء يميزهم عن نظرائهم ـ وفق وجهة نظري ـ ان مساحة القبول للآخر لديهم أكبر، ومساحة التسامح في قلوبهم أكثر رحابة، فلتبدأ الحكومة عملها من مساحات التوافق بين فئات المجتمع، فهو خير لها من البدء من خط تماس المواجهة وتمارس هوايتها الأثيرة في تغليظ العقوبات والغرامات.


 


ا