أقلامهم

واقعنا السياسي، ليس واقع دولة ولا يتصل بالفهم العام لسياسة إدارة الدول وتسيير شؤونها.. هذا ما يراه صالح الشايجي

 


فسطاط الرئيس وفسطاط الوزير
صالح الشايجي
يؤسفني ألا أرى في الواقع السياسي الكويتي ما يراه فيه الآخرون الذين يرونه واقعا سياسيا حقيقيا وجادا، وهم بذلك يقيمون نظرتهم على هذا الواقع نفسه وكأنهم يقولون «ليس في الإمكان أحسن مما كان» ودون أن يقارنوه بالدول الأخرى الملتزمة ولا يجذّروا نظرتهم في التربة السياسية الحقيقية، ولا يقيسوا على ما يجري في العالم وبالذات في الدول التي أخذت بالمبدأ الديموقراطي.
واقعنا السياسي، ليس واقع دولة ولا يتصل بالفهم العام لسياسة إدارة الدول وتسيير شؤونها، بل إن سياستنا أقرب ما تكون إلى إدارة شؤون عائلية بما فيها من خصومات ومشاحنات وخلافات عائلية تتصل بالمنفعة والاستفادة الشخصية، وهي لعبة خطيرة جدا لابد من إدراك عواقبها وأضرارها ومن ثم العمل على تداركها قبل أن تقع ويعم البلاء.


إن وصف هذه الحالة السياسية بـ «العبث» هو عبث ـ بحد ذاته ـ أو صدود عن التشخيص الحقيقي للقضية، لأن للعبث أضراره المحدودة، أما واقعنا السياسي فهو كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فماذا يعني أن رئيس وزراء ووزيرا يتماحكان مماحكة مضنية لها ارتداداتها الخطيرة؟! وماذا يعني أن أعضاء مجلس الأمة ـ أو أغلبهم ـ موزعون إلى «فسطاطين»: فسطاط الرئيس، وفسطاط الوزير، وما ان تطل حرب بينهما برأسها، حتى يشحذ «الفسطاطان» سيوفهما استعدادا للنزال، لتكون البلاد وقودا لتلك الحروب المشؤومة!


هذا ليس عبثا ولا ارتجالا بل هو خطر ماحق ساحق، ومن لا يدركه فهو مجرد من كل حس إنساني ولا أقول حس «وطني»، لأن العبث بالمصير العام لبلد وشعب ومكونات هو دمار متعمد ينم عن روح جافتها الإنسانية ولم تترب يوما بحضائن تزرع الفضيلة أو حتى تحث عليها.


ومصير البلاد ليس حقا مطلقا ومسلما به لرئيس الوزراء ووزيره، ولا الشعب الكويتي أيضا ملكية خاصة بهما، ولا الدستور ولا النظام السياسي، وليس لهما إلا ملكيتهما الشخصية التي لا أحد منا ينازعهما عليها فكيف يرضيان أن يحولانا وبلادنا إلى كرة نار يتقاذفانها؟!