فضيلة العلمانية
صلاح الساير
الجماعات الاسلامية العربية تعادي العلمانية وتهاجمها ليل نهار، وتصفها بالكفر، وفي الوقت ذاته تزعم هذه الجماعات الايمان بالدولة المدنية التي يقوم نظامها السياسي على الديموقراطية والحرية وتداول السلطة ومبادئ حقوق الانسان، وذلك موقف غامض ومتناقض يُعرض هذه الجماعات لتهمة التقية السياسية.
هذان «الكفر والايمان» لا يمكن ان يجتمعا في فكر او عقيدة واحدة، فالكفر بالعلمانية لا يمكن ان يتفق مع الايمان بالدولة المدنية التي هي بالضرورة دولة علمانية يعيش على ارضها مواطنون يؤمنون بأديان وعقائد ومذاهب مختلفة فلا تتعارض دياناتهم او مذاهبهم المتعددة مع صفاتهم او حقوقهم كمواطنين.
ان الايمان بالعلمانية شرط اكيد ومدخل واحد وحيد للدخول الى الدولة المدنية المؤهلة والقادرة ـ وحدها ـ على تمكين الاحزاب السياسية ذات المرجعية الاسلامية من حقها بالمشاركة السياسية وتداول الحكم شريطة احترامها لعلمانية الدولة.
فالعلمانية صاحبة فضل على هذه الاحزاب، والتجربة التركية خير دليل، فحزب العدالة والتنمية الذي اسسه المنشقون عن حزب الفضيلة الاسلامي ما كان ليجد دربا للفوز بالحكم لولا علمانية الدولة التركية، لذا لن يتمكن العرب من بناء الدولة المدنية العصرية دون حسم علاقتهم الملتبسة مع العلمانية المفترى عليها.
أضف تعليق