أقلامهم

طارق المطيري يعرض مقارنة بين تطور إقتصاد تركيا في ظل حكومة منتخبة والوضع الإقتصادي المتردي محليا ويعزو ذلك الى ضرورة إنتخاب الحكومة

بين واقع متخلف، ومستقبل فيه فرصة  
 
طارق نافع المطيري
 


لا أظن أنه يوجد مجتمع إنساني في العصر الحالي لا يمارس الديمقراطية الحقيقية  أو أنه يسعى لتحقيقها بجدية وإصرار إلا بعض المجتمعات البدائية سياسيا في بعض المناطق في العالم ومنها منطقة الخليج العربي.
الطبيعة الإنسانية تخاف المجهول غالبا وهي ربما تقبل بحال سيئة أو حتى مزرية وبالغة السوء وتفضلها على التقدم خطوة نحو المجهول ولو كان هذا المجهول يحوي فرصا للخلاص من ذلك الواقع السيئ ويحقق فيه المجتمع أضعاف ما يتمنى.
ولنقارن بين دولة بدائية متخلفة ديمقراطيا مثل الكويت وبين تركيا الديمقراطية التي يختار فيها الشعب حكومته للمرة الثالثة على التوالي لكفاءتها بقيادة حزب العدالة والتنمية التركي الذي حقق قبل يومين غالبية برلمانية بعد ما حاز على ثقة 50 %  من الناخبين الأتراك.
الكويت تعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل تقريبا إذ يبلغ دخل الدولة 20 مليار دينار كويتي 19 مليارا منها من النفط وحده ومليار واحد فقط من بقية موارد الدولة !!
حاليا في سنة 2011 م مصروفات الدولة تقريبا 14 مليار دينار، ولكم أن تتصوروا وضعنا الاقتصادي إذا ما علمنا أن ارتفاع مخصصات الإنفاق الحكومي خلال السنة المالية 2010 – 2011 بنسبة 21.5 % عن السنة السابقة.
كذلك فإن نمو الناتج المحلي الكويتي للعام 2010م الماضي هو 3.3 %  رغم تلك الفوائض في الميزانية من الدخل النفطي ، مع توقع زيادة في مستوى التضخم يصل إلى 6.1 %  .
ربما لا يحتاج المواطن العادي من مراجعة تلك الأرقام حتى يعلم مدى الترهل والتدهور الاقتصادي والتنموي للكويت وما هذه بعض الأرقام الاقتصادية البسيطة “للمعلوم” الكويتي إلا جزء بسيط من حالة الانحدار في ظل حكومة غير منتخبة من الشعب.
ودعونا ننظر لدولة ديمقراطية محترمة يختار فيها الشعب حكومته وهي دولة غير نفطية بالمناسبة ، فتركيا اختار فيها الشعب حزب العدالة والتنمية ليشكل حكومته وذلك في سنة 2003 م ولننظر إلى أين وصلت الحكومة المنتخبة والدولة الديمقراطية تلك الفترة.
معدّل الدخل الفردي ارتفع من 2589 دولارا للفرد عند مجيء حزب العدالة و التنمية للحكم إلى حدود 5700 دولار. و بينما كان النمو الاقتصادي  في تركيا يشكل نسبة 2.6 %  منذ الأعوام 1993 و حتى العام 2002، فقد ارتفعت هذه النسبة بشكل هائل ومضاعف و سريع إلى 7.3 %  في الأعوام ما بين 2003 – 2007.
في عام 2006، حققت تركيا المركز الـ 18 للدول الأعلى نموا في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، و قد حققت نموا مستمرا بين 5 و 8  %  في السنّة لأكثر من خمس سنوات حتى الآن، لتحل خلف بلجيكا والسويد مباشرة.
و في العام 2007، تقدّمت تركيا مركزا لتحتل المركز الـ 17 بناتج إجمالي يساوي حوالي 414 مليار دولار خلف هولندا و استراليا مباشرة  بعد أن كانت تركيا تحتل المركز الـ 26 في العام 2002 و بواقع 183 مليار دولار فقط، والآن تحقق المركز الـ 16 بناتج محلي يصل إلى 736 مليار دولار ، وتتطلع تركيا لان تكون ضمن أكبر عشر اقتصاديات في العالم في عام 2023 الذي يوافق مرور مئة عام على تأسيس الجمهورية التركية.
 
في السياق
 
الفكرة والخلاصة ليست في الأرقام ونسب النمو والتضخم القابلة للتبدل والتغيير رغم اعتبارها والاعجاب بها ، بل الفكرة في أن الشعب التركي أتيحت له الفرصة ليعبر عن نفسه من خلال تلك الأرقام بجهده واختياره الحر.